منهما في مفهوم «
الأمر » فكيف ينطبق ذلك على نزاعهم هاهنا لو كان جهة النزاع خصوص الإلزام الصادر
من العالي من حيث كونها واحدة من الجهات المذكورة ثمّة ، مضافا إلى إطلاق أدلتهم
وتصريحهم بشمول النزاع للصيغة إذا صدرت عن السائل أيضا ، كما عرفت في ردّ احتجاج
المنكرين لإفادتها الوجوب ، فلا إشكال جزما في كون محلّ النزاع مطلق الصيغة ، صدرت
من العالي أو غيره ، والمتنازع فيه دلالتها بالوضع على الإلزام مطلقا من دون نظر
إلى كونه من العالي أو غيره.
* لا خلاف عند
الشرّاح وغيرهم في تناول هذه العبارة بضميمة ما تقدّم لجميع صيغ « الأمر » مجرّدة أو
مزيدة حاضرة أو غائبة ، وإنّما الخلاف في أنّ ما عدا الأمر الحاضر من المجرّد هل
هو مندرج في قوله : « صيغة افعل » أو فيما بعده؟
فمنهم من جزم
بالأوّل ، فجعل الثاني مرادا به أسماء الأفعال كـ « نزال » و « صه » و « عليك »
ونحوها.
ومنهم من جعل
الأظهر دخوله مع أسماء الأفعال في الثاني ، ومن هؤلاء من تأمّل في دخول أسماء
الأفعال واستشكل كابن المصنّف.
ومنهم من جعل
الثاني عبارة عن مثل « ليفعل » وأسماء الأفعال والأخبار المتضمّنة لمعنى « الأمر »
كقوله تعالى ( لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ )[١] و ( وَالْمُطَلَّقاتُ
يَتَرَبَّصْنَ )[٢] ولا ريب في فساد ذلك في فقرتها الأخيرة.
ومنهم من جزم
بشمول الأوّل لكلّ أمر حاضر ، وأمّا الثاني فتردّد في كونه مرادا به صيغ الأمر
الغائب نحو « ليفعل » و « ليفاعل » أو أسماء الأفعال أو الأعمّ منهما.
ومنهم من أورد على
الثاني بأنّه يتناول كلّ ما دلّ على معنى « افعل » ولو مجازا مع أنّه خارج عن
البحث قطعا ، إلاّ أن يراد بما في معناها وضعا ، وأيضا يتناول ما كان بمعنى «
الأمر » من أسماء الأفعال مع أنّ الظاهر خروجها عن النزاع لفظا وإن دخلت فيه معنى.
واستدلّ الأوّل
بما حكي عن النحاة من أنّ « افعل » علم جنس لكلّ صيغة يطلب بها الفعل ، كما أنّ «
فعل » و « يفعل » علمان لكلّ ماض ومضارع مبنيّ للمفعول.