وإن شئت زيادة
توضيح فلاحظ طريقة السلطان إذا أصدر إلى بعض خدّامه أوامر وأحكاما ، فيخاطبه عقيب
ذلك أو قبله بقوله : « أطعني وأطع وزيري وولاة أمري ».
وممّا يؤيّد ما
ذكرناه لزوم تخصيص الأكثر المرجوح بالقياس إلى النواهي لو كانت الأوامر المذكورة
في مصبّ إفادة اشتراط القصد المذكور في متعلّق الأوامر ، الّتي ليست في مقابلة
النواهي إلاّ كشعرة بيضاء في بقرة سوداء ، ولا سيّما مع ملاحظة خروج التوصّليّات
الّتي هي أكثر بمراتب ممّا هو معقد هذا الباب.
وممّا يؤيّده أيضا
عطف النبيّ صلىاللهعليهوآله واولي الأمر في الآية على الله تعالى ، اللذين لم أظنّ
القول بوجوب قصد الامتثال في طاعتهما الواجبة بموجب الآية ، بل ربّما يصرّح بما
يومئ إلى دعوى الإجماع.
وبالجملة : لا
إشكال في عدم ورود تلك الأوامر في سياق إفادة تقييد الأوامر المطلقة واعتبار قصد
الامتثال في المطلوب بها كما يزعمونه ، لكونه ممّا لا يساعده العرف واللغة ولا
سياق الكلام وأجزاؤه ، مع مخالفته لبعض القواعد حسبما قرّرناه.
مضافا إلى أنّ
استفادة ذلك منها ممّا يفضي إلى الدور الواضح ، ضرورة أنّ الإطاعة إذا كانت عبارة
عن الإتيان بالمأمور به على وجهه ـ بناء على ما يساعده العرف واللغة ـ فدلالة
الأمر المتعلّق بها على وجوب قصد الامتثال في الإتيان بالمأمور به موقوفة على كون
ذلك وجها من وجوهه ، والمفروض توقّف ثبوت ذلك على الدلالة المذكورة.
ومنها : ما ورد في
الأخبار كالنبوي المعروف المدّعى تواتره من قوله عليهالسلام : « لا عمل إلاّ بنيّة » ومثله : « إنّما الأعمال بالنيّات
» ومثلهما : « ولكلّ امرء ما نوى » [١].
وفيه : أيضا عدم
قضاء شيء من ذلك بما حاولوه في المقام.
أمّا الأوّل :
فلابتناء نهوضه على تصرّف في لفظة « لا » بحملها على نفي الآثار الشرعيّة ، وتصرّف
في لفظ « العمل » بحمله على ما هو المصطلح عند المتشرّعة الّذي يعبّر عنه بالخيرات
والمبرّات واجبة كانت أو مندوبة ، وهو المراد بقولهم : « العلم بلا عمل كالشجر بلا
ثمر » وتصرّف في لفظ « النيّة » بحمله على المعنى الخاصّ المصطلح المعبّر عنه بقصد
الامتثال ، وكلّ ذلك مجاز لا يصار إليه إلاّ بدليل مفقود في المقام.
وتوضيح ذلك : أنّ
[ لا ] النافية محتملة لإرادة نفي الحقيقة ، أو نفي الآثار المترتّبة على
[١] راجع الوسائل ١
: ٣٣ ، الباب ٥ من أبواب مقدّمة العبادات.