والجواب عن الثالث
[١] : أنّ القياس لا تعويل عليه ولا سيّما مع الفارق ، فإنّ
وجوب اعتقاد الوجوب إنّما هو لوجوب تصديق ما أتى به النبيّ ، ووجوبه فورا ضروريّ
عند الأبرار للارتفاع عن حضيض الجحود والإنكار ، وليس كذلك الأمر في الفعل ، فإنّ
تأخيره لا يوجب كفرا ولا إثما.
وعن الرابع [٢] : عدم صلوحه شاهدا على الوضع كما هو المطلوب ، مع ضعفه سندا وقصوره دلالة من
جهة ابتنائها على كون لفظة « إذا » للتوقيت المستلزم لخروج كلمة « الفاء » للتعقيب
بلا تراخ ، وهو في حيّز المنع لجواز كونها شرطيّة قاضية بكون « الفاء » جزائيّة
خارجة عن الدلالة على نفي التراخي.
ولو سلّم فوفاؤها
بتمام المطلوب مبنيّ على كونها من أدوات العموم وهو خلاف التحقيق ، بل الثابت
المحقّق كونها من أدوات الإهمال على ما يساعده قواعد العرف والاستعمال ، فلا تفيد
إلاّ قضيّة جزئيّة.
ولو قيل : إنّ
المطلوب إنّما يتمّ على تقدير إفادتها التكرار ـ كما تقدّم الاستدلال بها عليه ـ وهو
يستلزم الفور.
لقلنا : بمثل ما
ذكر من أنّها لا تفيد إلاّ الإهمال ، مضافا إلى ما سبق من منع الدلالة على التكرار
أيضا.
وعن الخامس [٣] : أنّه أيضا لا يفيد الوضع للفور بل غايته نهوضه قرينة لإفهام المراد ، مضافا
إلى كونه فاسد الوضع ، فإنّ التأخير بلا بدل جائز بحكم العقل والشرع ، والواجب
إنّما يخرج عن كونه واجبا بالترك لا مع العذر رأسا ، والتأخير الّذي يلحقه الفعل
ليس منه.
وبذلك يظهر الجواب
عن السادس [٤] والسابع [٥] مع انتفاء الفرق لو لم يعتبر قيام البدل في تأخير الواجب
بينه وبين المندوب ، فإنّ امتياز الندب عن الوجوب بجواز الترك عن رأس كاف في الفرق
بينهما ومعه لا حاجة إلى فرق آخر ، فلا ضير في اشتراكهما في جواز التأخير لا إلى
بدل.
[١] أي قوله : «
ووجوب اعتقاد وجوب الفعل على الفور بالإجماع الخ ».
[٢] أي قوله : «
والنبويّ : إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ».
[٣] أي قوله : «
وكأنّه لو جاز التأخير لجاز إلى بدل أو لا إلى بدل الخ ».