وفيه : أنّ أقصى
ما يفيده ذلك كون لفظ « الأمر » مجازا في الطلب الندبي أو غلطا فيه من غير دلالة
له على كون الصيغة حقيقة خاصّة في الوجوب مجازا في الندب كما هو محلّ البحث.
لا يقال : إنّما
يدلّ على ذلك فهم بريرة الوجوب عن قوله صلىاللهعليهوآله : « ارجعي » كما يشعر به حسن الاستفهام في قولها : «
أتأمرني بذلك؟ » وهي من أهل اللسان أو تبعتهم فيكون فهمها حجّة ، فإنّ الاستفهام
إنّما يحسن عند الإجمال الكاشف عن الاشتراك فهو على خلاف المدّعى أدلّ ، مع أنّ
الاستفهام قد يحسن عند قيام الاحتمال ولو مرجوحا ، بل ربّما يعدّ في نظر العقول
بالنسبة إلى المعنى الحقيقي قبيحا من حيث إنّه على هذا التقدير منبئ عن عدم
الاعتداد بأصالة الحقيقة الّتي عليها مدار جميع اللغات في الأعصار والأمصار ،
فحسنه في المقام يوهن كونه في مورد فهم المعنى الحقيقي ، مقوّيا لكونه في مورد
احتمال مرجوح أو مساو وكلّ منهما خلاف المدّعى.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : « لولا أشقّ على امّتي لأمرتهم بالسواك عند كلّ صلاة » بتقريب : أنّه صلىاللهعليهوآله نفى « الأمر » بحسب مفهوم كلامه مع ثبوت الندبيّة بالإجماع وغيره من الأخبار
الكثيرة ، وهو آية مجازيّة « الأمر » في الندب ، وكون المسلوب هو الوجوب فيكون
حقيقة فيه وهو المطلوب.
وفيه : أيضا نظير
ما تقدّم ، فلا قضاء له بكون إطلاق الصيغة في الندب على طريق المجاز دون الحقيقة ،
ودعوى أنّها ممّا يصدق عليه « الأمر » عرفا في كلا المقامين ، يدفعها : المنع
المتقدّم في محلّه مفصّلا.
نعم إنّما يستقيم
الاستدلال بذلك الوجه وسابقه على رأي من يجعل « الأمر » عبارة عن الصيغة بنفسها أو
صادقة عليها وعلى الطلب بها ، وقد عرفت أنّه عندنا بمعزل عن التحقيق.
ومنها : إنّ حمله
على الوجوب احتراز عن الضرر المظنون ـ ذكره في التهذيب ـ وفيه : أنّ المراد بالضرر
المظنون الّذي يدفعه حمل « الأمر » على الوجوب إمّا ما يظنّ في مجموع الأوامر من
حيث هو ، فيجب حمل كلّ واحد منها على الوجوب من باب المقدّمة ، لعدم العلم بما
يظنّ فيه الضرر بالتفصيل ، أو ما يظنّ في كلّ واحد واحد منها.
فإن كان الأوّل ،
ففيه : مع أنّه لا وجه لإطلاق الظنّ عليه لكون الضرر في مجموع الأوامر معلوما
بالإجمال ببديهة من العقل ، وأنّه مبنيّ على وجوب المقدّمة ولعلّ الخصم ينكره ،
أنّ ذلك إذعان بما ينافي المدّعى من عدم كون كلّ أمر للوجوب لعدم ظنّ الضرر في كلّ
، ولو