إلى غير ذلك من
الأخبار المتكاثرة وسيأتي شطر منها في المقام.
إذا عرفت ذلك ،
فاعلم أن الذي يظهر لي ـ والله سبحانه أعلم ـ أن المراد بالشبهة في هذه الأخبار :
هو ما أشبه الحكم فيه ولم يتضح على وجه يدخل به في أحد الفردين المذكورين من
الحلال البين والحرام البين. وذلك يقع بأحد أمور :
الأول
: كون الدليل
الوارد فيه ليس بنص ولا ظاهر في الحكم. وهذا الفرد مما لا ريب في دخوله في الشبهة
، ووجوب التوقف فيه ؛ لقوله سبحانه (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ
عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ
مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما
تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ)[١] الآية.
وحينئذ ، فنسبة
الاشتباه إلى الحكم ناشئ من ثبوته في دليله.
الثاني
: أنه لم يرد
فيه نص بالكلية. ويدل على هذا الفرد ما رواه الصدوق ـ عطر الله مرقده ـ في (الفقيه)
من خطبة أمير المؤمنين عليهالسلام قال : خطب أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال : «إن الله حد حدودا فلا تعتدوها ، وفرض فرائض
فلا تنقصوها ، وسكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا فلا تتكلّفوها رحمة لكم من الله
فاقبلوها» ثم قال : «حلال بيّن وحرام بيّن
وشبهات بين ذلك ، فمن ترك ما اشتبه عليه من الاثم فهو لما استبان له أترك ،
والمعاصي حمى الله عزوجل ، فمن رتع حولها يوشك أن يدخلها»[٢].
وهذا القسم من
الشبهة ربما عبر عنه بالمبهمات المعضلات ، كما في الخطبة المرويّة عنه عليهالسلام في وصف أبغض الخلق إلى الله : وإن نزلت به إحدى
المبهمات المعضلات هيأ لها حشوا من رأيه ، فهو من لبس الشبهات في مثل غزل