أولا
: أنه لو كانت
البراءة الأصليّة من المرجّحات الشرعية لذكرها الأئمَّة عليهمالسلام في جملة تلك الطرق.
وثانيا
: أنهم عليهمالسلام[١] أمروا بالإرجاء والتوقف بعد تساوي الخبرين في جملة طرق
الترجيح ـ كما في المقبولة المذكورة ، ومرفوعة زرارة ، أو من غير تقديم شيء منها
، كما في موثقة سماعة وروايته ، ورواية الحسن بن جهم ، ورواية الحارث بن المغيرة
المتقدم جميع ذلك ـ وجعلوا الحكم حينئذ من المتشابهات المأمور باجتنابها ، وأن
الوقوع فيها موجب للهلكات. وحينئذ ، فأي ترجيح بالبراءة الأصليّة؟ ولو كانت دليلا
شرعيا كما يدعونه ، لكانت موجبة لترجيح ما اعتضد بها من أحد الطرفين.
وأمّا ما أجاب
به بعض متأخري المتأخرين من أن التوقف الذي أمر به عليهالسلام في المقبولة المذكورة ، مخصوص بالمنازعة في الاموال
والفرائض كما يدلّ عليه صدر الخبر ، فهو أوهن من بيت العنكبوت ، وأنه لأوهن البيوت
:
أمّا
أولا ، فلمخالفته للقاعدة المسلمة بينهم من أن خصوص السؤال لا
يخصّص عموم الجواب.
وثانيا
: أن هذه
المرجّحات التي ذكرها عليهالسلام في هذه الرواية لم يخصصها أحد من [٢] الأصحاب
بالتعارض في خصوص هذه الأشياء ، بل أجروها في كلّ حكم تعارضت فيه الأخبار.
وثالثا
: أن القائلين
بالبراءة الأصليّة كما يرجحون بها ويستندون إليها في سائر الأحكام يرجحون بها أيضا
في الأموال والفرائض. ولم يصرّح أحد فيها باستثناء حكم من الأحكام كما لا يخفى.