لأنا
نقول : قضية الجمع
بين هذين الخبرين ، وما تقدم من الأخبار الدالّة على نيابة الفقيه الراوي لأخبارهم
، المتتبع لآثارهم ، هو حمل هذين الخبرين على أن النائب من جهتهم ، والمنصوب عنهم
يرجع بالآخرة إليهم. ويدل عليه قوله عليهالسلام في الرواية المذكورة : «ينظران من كان منكم قد روى حديثنا ـ إلى قوله
ـ وهو على حد الشرك بالله» فإنه جعل الرادّ على نائبهم رادّا عليهم ورادّا على الله تعالى ، «وأنه على حدّ الشرك
بالله» ، وهو صريح
فيما ذكرناه.
وما رواه فيه
أيضا في الصحيح عن أبي عبيدة قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : «من
أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة والعذاب ، ولحقه وزر من
عمل بفتياه»[١].
وما رواه فيه
عن أحمد عن أبيه ، رفعه إلى أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «القضاة أربعة ؛ ثلاثة في النار ، وواحد في
الجنة : رجل قضى بجور وهو يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بجور وهو لا يعلم فهو في
النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحق وهو يعلم فهو
في الجنة»[٢].
والأخبار [٣] في هذا الباب
مستفيضة متكاثرة ، فتخصيصها يحتاج إلى دليل قاطع وبرهان ساطع.
وإخلال الناس
بطلب العلم وتحصيل هذه المرتبة لا يكون عذرا مسوّغا لدخول غير صاحب هذه المرتبة
فيها ، والجنوح إلى أنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ممنوع ، بل لو قيل
: إنه من باب فعل المنكر لكان أظهر بالنسبة إلى الخبر.
[١] الكافي ٧ : ٤٠٩
/ ٢ ، باب أن المفتي ضامن ، وفيه : وملائكة العذاب.