وثالثها
: الاستصحاب ،
أي استصحاب الحالة السابقة الّتي كان عليه الشيء قبل حال الاختلاف ومحلّ النزاع ،
ومنه قولهم : تعارض الأصل والظاهر ، كما مثلوا له بأرض الحمّام [١] ، فإن المراد
بالظاهر أي ظنّ النجاسة واحتمالها احتمالا راجحا ، والأصل أي الحالة السابقة.
ويحتمل أيضا حمل الأصل هنا على الحالة الراجحة الّتي هي ـ كما عرفت ـ عبارة عن
ملاحظة الشيء من حيث هو هو. وأمّا قولهم : الأصل في كلّ ممكن عدمه ، فيحتمل الحمل
أيضا على كل من الحالة الراجحة والاستصحاب ، فإنه مبنيّ على أن كلّ ممكن إذا خلّي
ونفسه ترجّح عدمه على وجوده ؛ لأن المتبادر من التخلية ، عدم تأثير المؤثر.
ورابعها
: بمعنى القاعدة
[٢] كقولهم : الأصل في البيع اللزوم ، والأصل في تصرّف المسلمين الصحة ، أي
القاعدة الّتي عليها وضع البيع بالذات اللزوم [٣] ، وحكم المسلم بالذات صحة تصرفه.
المناقشة
في معاني الأصل
إذا عرفت ذلك
فالمعنى الأوّل من هذه المعاني مما لا خلاف فيه ولا إشكال يعتريه.
[١] أي في مثل أرض
الحمّام. منه رحمهالله
، (هامش «ح»).
[٢] منه قول
النحويين : الأصل في الفاعل الرفع ، وفي المفعول به النصب ، وأمثال ذلك ، أي
القاعدة المستفادة من استقراء كلام [١]
العرب ، فتأمّل ذلك. منه رحمهالله.
(هامش «ح»).
[٣] هذا إن وضع [لفظ]
البيع شرعا لنقل مال كلّ من المتبايعين إلى الآخر ، وذلك لا ينافي [...] [٢] من خارج. واعترضه بعض المتأخرين بأن
قولهم : الأصل في البيع واللزوم ، ليس له وجه ، لأن خيار المجلس ممّا يعمّ أقسام
البيع.
وفيه : أن عروض الخيار له وإن
كان في المجلس [إلّا إنه] خارج عن صيغة البيع. منه رحمهالله ، (هامش «ح»).