بمعنى الذاهل الغافل عن الحكم؟ فكيف يتيسّر له السؤال عنه ؛ إذ [١] توجّه النفس
نحو المجهول المطلق ممتنع عقلا ، فيرجع الفرض فيه إلى وجوب التعلّم عليه مطلقا ،
إن علم ذلك؟
لم أقف لأحد من
علمائنا الأعلام على ما يتضمّن تنقيح المقام [٢] ، إلّا إذا نتكلّم في ذلك بما أدّى إليه الفهم القاصر
من كلام أهل الذكر عليهمالسلام ، مستعينين بتوفيق الملك العلّام ، فنقول : ما ذكرناه
من الترديد ينحلّ إلى مقامات أربعة :
الأوّل : في
وجوب التعليم على العالم ابتداء. ومقتضى كلام المحدّث السيد نعمة الله قدسسره كما عرفت ذلك ، وبه صرّح أيضا شيخنا الشيخ [٣] العلّامة أبو
الحسن الشيخ سليمان [٤] بن عبد الله [٥] البحراني قدسسره في بعض أجوبته ، حيث سئل : هل يجب على العالم تعليم
الجاهل ابتداء ، أو أنه لا يجب إلّا بشرط السؤال؟ فأجاب قدسسره : (إن الذي يظهر من الآيات والأخبار وجوب التعليم كفاية
، إمّا للسائل المسترشد ، أو للجاهل المعلوم جهله للمرشد ، أمّا لو لم يعلم جهله
به فلا تكليف ، لأصالة البراءة) [٦] انتهى.
ولعلّه قدسسره أشار بالآيات إلى مثل قوله تعالى (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنّاسِ)[٧].
وقوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا
مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنّاهُ لِلنّاسِ)[٨] الآية.