ولأنّه لو اقتضاه
، لكان المثال المذكور بمثابة « صوم يوم الخميس أو غيره » ، وهو متخيّر [١] بينهما ، فيكون الصوم في غيره أداء لا قضاء للأوّل ، فيلزم أن يكون التقييد
لغوا. وأيضا يلزم أن يكونا سواء ، فلا عصيان بالتأخير.
لا يقال : لو
اقتضاه أمر جديد ، لكان أيضا أداء ؛ لأنّه أمر بالفعل بعد هذا الوقت ، فوقته بعده
، فإذا أتى به بعده ، وقع في وقته لا بعده ، وهو الأداء.
لأنّا نقول :
يشترط في الأداء أن لا يكون استدراكا لفائت ؛ إذ هو ما فعل في وقته المقدّر له
أوّلا ، وهذا استدراك لمصلحة ما فات ، فيكون قضاء.
وما قيل : « إنّه
للخصم أن يقول : إنّي أدّعي أنّه أمر بالصوم وبإيقاعه في يوم الخميس ، فلمّا فات
إيقاعه فيه ، الذي به كمال المأمور به ، بقي الوجوب مع نقص فيه [٢] ، فلا يلزم اقتضاء خصوص غيره ، ولا كونه أداء ، ولا كونهما سواء » [٣] ، فاسد ؛ لأنّه لو بقي الوجوب في غيره [٤] ، لكان الأمر
مقتضيا له وإن لم يقتضه بخصوصه ، وقد ادّعينا البداهة [٥] في أنّه لا يقتضيه بوجه. ولو سلّم اقتضاؤه له ـ ولو بوجه ـ كان إيقاع الفعل
فيه أداء ؛ لأنّ المعتبر فيه كون متعلّقه متناول الأمر الأوّل ولو بالتخيير ، ولا
يعتبر فيه كونه متناولا له بخصوصه.
وممّا ذكر يظهر
ثبوت التسوية ؛ لأنّ المراد منها كونهما سواء في تعلّق الأمر بهما ، ووجوب الفعل
فيهما ، بحيث لا يلزم في تأخيره إلى الثاني عصيان ، وهو كذلك ؛ لأنّ النقص لرفع
الكمال لا يوجب العصيان.
احتجّ الخصم بأنّ الوقت للمأمور به كالأجل للدين ، فكما لا يسقط
الدين بانقضاء الأجل ، فكذا لا يسقط المأمور به بانقضاء الوقت.
وبأنّ الزمان
لكونه ظرفا للمأمور به غير داخل فيه ، فلا يؤثّر اختلاله في سقوطه.