فإذا حصل منع
النفس عن الشرب حصل ترك الحرام ، ولا يتوقّف على شيء من حالات الفم. نعم ، يقارن
الترك بعض هذه المباحات ، إلاّ أنّه لا يتوقّف عليها ، فأحسن التدبّر.
فصل [٩]
قد أشرنا فيما
تقدّم [١] أنّ من معاني الحسن والقبح ما لا حرج في فعله ، ومقابله.
وعلى هذا يكون كلّ من المباح والمكروه حسنا.
ويتفرّع عليه
براءة ذمّة من حلف على فعله بإيقاعهما.
والإحسان لا يشمل
فعل المباح والمكروه ، بل يختصّ فعل الواجب والمستحبّ.
والحقّ ، أنّ
المحسن فاعل الإحسان ، ولا يشمل فاعل الحسن كما قيل [٢]. فمن قال : « عليّ أن أفعل فعل المحسنين » لا يبرأ ذمّته بفعل المباح
والمكروه. ولا يرتفع الضمان على [٣] قاطع يد الجاني قصاصا إذا مات ؛ نظرا إلى أنّه فاعل الحسن
، أي المباح ، وقد قال الله : ( ما عَلَى
الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ )[٤].
نعم ، يتسلّط
المنفق على الحيوان إذا كان ملتقطا أو مستودعا [٥] على الرجوع إلى
المالك ؛ لكونه محسنا. ويقبل قول الوكيل في الردّ إذا لم يكن وكالته بجعل ؛ لأنّه
محسن أيضا.
وقس عليهما
أمثالهما.
فصل [١٠]
الواجب العيني ما
طلب من كلّ واحد من المكلّفين بخصوصه ، ولا يسقط عن بعضهم بفعل بعض آخر.
والكفائي ما وجب
على الجميع ولكن يسقط عنهم بفعل البعض.