أقول : ظاهر
المذكور في الأخبار السابقة ، وهو لفظة « شيء » و « بلل » ونحوهما يفيد أنه كان
مشتبهاً ، لان ما لا اشتباه فيه له اسم خاص ، كالمني والبول والوذي والمذي ونحوها
، فالتعبير عنه بالعبارات المذكورة للاشارة الى أن هذا الخارج من احليله أمر مشتبه
، فتأمل.
وأما قوله «
وعلى الظاهر أنه المني » لأنه على ما يرى قليلا ما ينقطع قبل البول فيرد عليه ما
أفاده الفاضل التفرشي ، وقد سبق بقوله : الغالب في مثله أن لا يكون منياً لندور أن
يفارقه الدفع والشهوة ، وأن يبقى منه بقية في الطريق زماناً يسع الغسل ومقدماته ،
بل قد يتوسط بين الجنابة والغسل زمان كثير جداً ، وهم لم يفرقوا بين توسط زمان
قليل وكثير بينهما ، فالأصل المذكور مؤيد بهذا الظاهر أيضاً.
ثم ان كلامه
المنقول يفيد أن هنا أخبار صحيحة ، وقد عرفت أنها بأسرها غير صحيحة ، والظاهر أنه
كغيره كان ذاهلا وقت كتابته هذا الشرح عما نقلناه عن الكافي بطريق صحيح دال على ذم
أحمد بن محمد ، وعدم اعتباره في أقواله الا بتاريخ يميزها ، أو ثبت عنده من جهة ما
ذكره ابن داود ، أو من جهة أخرى توثيق ابن أبان. والأول يخدشه ما أشرنا اليه من
عدم اعتماده على رجاله ، فتذكر.
وظني أنه رحمهالله كغيره تبع في ذلك العلامة والشهيد في تصحيحهما روايات
في طريقها ابن أبان ، ولا وجه له ، فان غاية ما يستفاد مما نقلوه فيه أصالة وتبعاً
كون رواياته إذا لم يكن في الطريق قادح من غير جهة قوية ، وأما أنها صحيحة فلا ،
لأنه مهمل غير موثق ، لم ينصوا بما يدل على مدحه ، فكيف على توثيقه فعليك
بالمراجعة الى ما ذكروه فيه ، والتأمل في ذلك ليظهر لك حقيقة ما قلناه ، لان الحق
أحق بالاتباع.