كلِّ شيء ، بيّن فيه
الحلال والحرام ، والحدود والأحكام ، وجميع ما يحتاج إليه النّاس كملاً ، فقال
عزَّ وجلَّ : (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ)[١]
وأنزل في حجّة الوداع وهي آخر عمره صلىاللهعليهوآله
: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ
وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا)[٢].
وأمرُ الإمامةِ من تمام الدين ، ولم يمض
صلىاللهعليهوآله
حتّى بيّن لاُمّته معالم دينهم وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد سبيل الحقّ ، وأقام
لهم عليّا عليهالسلام
عَلما وإماما ، وما ترك لهم شيئا تحتاج إليه الأُمّة إلاّ بيّنه ، فمن زعم أنَّ الله
عزَّ وجلَّ لم يكمِّل دينه فقد ردَّ كتاب الله ، ومن ردَّ كتاب الله فهو كافرٌ به.
هل يعرفون قدر الإمامة ومحلّها من
الأُمّة فيجوز فيها اختيارهم؟!
إنَّ الإمامة أجلُّ قدرا ، وأعظم شأنا ،
وأعلا مكانا ، وأمنع جانبا ، وأبعد غورا من أن يبلغها النّاس بعقولهم ، أو ينالوها
بآرائهم ، أو يقيموا إماما باختيارهم.
إنَّ الإمامة خصَّ الله عزَّ وجلَّ بها
إبراهيم الخليل عليهالسلام
بعد النبوَّة والخلّة ، مرتبة ثالثة ، وفضيلة شرّفه بها وأشاد بها ذكره ، فقال : (إِنِّي جَاعِلُكَ
لِلنَّاسِ إِمَاما)[٣] فقال الخليل
عليهالسلام
سرورا بها : (وَمِنْ ذُرِّيَتِي) قال الله تبارك وتعالى : (لاَ
يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ).
فأبطلتْ هذه الآيةُ إمامة كلّ ظالم إلى
يوم القيامة وصارت في الصفوة ، ثمّ أكرمه الله تعالى بأن جعلها في ذرّيّته أهل
الصفوة والطهارة فقال : (وَوَهَبْنَا
لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ
أَئِمَّةً يَهْدُونَ