فإن أفهام الأمة الجاهلة بهذه الحقائق
صعب جداً ، فقد کان صلوات الله عليه وآله في المحل الأرفع وأمته في أسفل السافلين.
وعليه فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان عارفا بما
سيؤول إليه أمر أمّته من الاختلاف والإنكار للجميل ، لکنّه مع ذلك کان موفّقا في
دعوته رغم قصر المدّة الّتي عاش فيها بين قومه.
فهو کان موفقا رغم المصاعب الّتي لاقاها
منهم ؛ إذ هدى الله به أكثر ممّـا هدى نبيّ الله نوحٌ قومه ـ رغم طول مكث الأخير
فيهم ـ
فجاء عنه صلىاللهعليهوآله
أنّه قال : لقد أقام نوح في قومه ودعاهم ألف سنة إلاّ خمسين عاماً ثمّ وصفهم الله
فقلّلهم فقال : (وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ)[٢]
ولقد تبعني في سِنِيَّ القليلة ما لم يتبع نوحاً في طول عمره وكبر سنّه.
إذن ، فإنّ جهاد رسول الله صلىاللهعليهوآله وصبره کان لابدّ له
من جزاءٍ وأجرٍ ، وکان على الله أن يثيبه ، وقد فعل ، من خلال أمره رسوله أن يخبر
أمته في لزوم أن يعطوه أجر الرسالة وذلك باتباع أهل بيته.
كما أنّ الله رفع ذكره في الأذان وتشهّد
الصلاة في قوله تعال : (وَرَفَعْنا
________________
[١]ـ مسند احمد ٣ :
٢٤٢ / ١٣٥٦٣ ، مسند أبى يعلى ٦ : ١٢٩ / ٣٤٠٢ وانظر مجمع الزوائد ٩ : ١٨٧ / ٦٤٨
ومسند احمد ١ : ٨٥ وفيه : ... بل قام من عندي جبرئيل فحدثني أن الحسين يقتل بشط
الفرات ، فقال : هل لك أن أشمك من تربته؟ قلت : نعم ، فمد يده فقبض قبضة من تراب
فاعطانيها فلم أملك عينيَّ أن فاضتا.