العلوم الطبيعيّة قد
تخفى عليه العلوم الإنسانيّة والإلهيّة.
فما يعرفه ابن سينا والفارابيّ والخوئيّ
والجوينيّ لا يعرفه أنشتاين وفرويد ونيوتن ، وما يعرفه ماركس وكارت وديكارت لا
يعرفه المتنبي وأبو تمام والبحتري.
وهكذا الحال بالنسبة إلى العلوم الأُخرى
، فمعرفة العلوم الطبيعيّة تختلف عن العلوم الإنسانيّة ، وإنّ مجهولات كلّ عالمٍ
من هؤلاء العلماء أكثر من معلوماته على وجه القطع واليقين ، فإنّ الله لم يُعلّمهم
إلاّ القليل ، لقوله سبحانه : (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ
الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)[١].
وذلك لأنّ العلوم في العالم متشعّبة
وكثيرة ، فقد يعلم الإنسان شيئاً وتخفى عليه أشياء اُخرى هي أكثر ممّـا يعلم.
بعكس الله «علاّم الغيوب» ، فهو العالم
بكلّ شيء ، وكذا الحال بالنسبة إلى كلّ من يتّصل به من الأنبياء والرسل والأوصياء
المعصومين صلوات الله تعالى عليهم ، فهؤلاء يمكنهم العلم بكلّ الأشياء فضلاً
وكرامةً من عند الله لهم ، لأنّ علمهم هو من ذي علم ، وذلك كقوله سبحانه في الخضر عليهالسلام(آتَيْنَاهُ
رَحْمَةً مِنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْما)[٢]
، وقوله في موسى عليهالسلام(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْما
وَعِلْما)[٣] ، وفي سورة
يوسف عليهالسلام
: (وَكَذلِكَ يَجْتَبيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ
مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ)[٤] ، وقال
تعالى :