فكيف برسول الله صلىاللهعليهوآله ـ وهو النبي المرسل
الأكمل ـ العيش في مجتمعٍ جاهليّ لا يعرف أبسط الأشياء ، وهو مأمورٌ بتعليمهم
وهدايتهم؟! هذا من جهة.
ومن جهةٍ اُخرى ؛ نلحظ أنّ رسالة النبي
الخاتم صلىاللهعليهوآله
تسمو على الرسالات الاُخرى لاحتوائها جواب کل التساولات اللاحقة ، فکيف برسول الله
أن يبين کل تلك الاُمور لأولئك الأعراب ، فهم لا يفهمون البديهيات فکيف يخبرهم
بالمغيبات وهم من أجهل الاُمم ، ولو ألقيت نظرةً إجماليّة إلى الحضارات المجاورة آنذاك
للجزيرة العربيّة لعرفت ما نقوله وانحطاط الفكر في الجزيرة وارتقائه في مصر ، واليمن
، واليونان ، وفارس.
فكيف برسول الله صلىاللهعليهوآله الجمع بين مهمتين :
الأول ثقل العلم والرسالة
الملقاة على عاتقه (سَنُلْقِي عَلَيْكَ
قَوْلاً ثَقِيلاً).
والثانية إيصالها إل العصور
اللاحقة حينما تشق طريقها من بين أجهل الاُمم؟ کلّ ذلك وهو مکلّف بأن يكلّم النّاس
على قدر عقولهم؟! إنّها رسالة شاقّة حقّا وعليه تنفيذها.
ما اُوذي نبيّ مثل ما اُوذيت
ولتوضيح الفكرة أكثر نقول : إنّ الإنسان
مهما بلغ من العلم ، فمجهولاته أكثر من معلوماته ، فلو اعتبرنا ابن سينا
والفارابيّ والخليل وسيبويه وأنشتاين ونيوتن وغيرهم من العلماء المشهورين ـ
مادّييّن كانوا أو إلهيّين ـ لرأينا أنّهم رجالٌ لا يُضاهيهم أحدٌ في العلم ، ومع
ذلك فمجهولاتهم أكثر من معلوماتهم على نحو القطع واليقين.
لأنّ العالم بالطبّ والفلسفة والكيمياء
قد لا يعرف بقوانين الفيزياء والجاذبيّة ، وطبقات الأرض والفضاء ، وهكذا الحال
بالنسبة للّذي يعرف