اسم الکتاب : العقائد الحقّة المؤلف : الصدر، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 71
خالقها وعلاّمية
صانعها ، وهذه حقيقة يستكشفها كلّ من تأمّل فيها وتدبّر في خلقتها ، وأعطى من نفسه
الحقّ والإنصاف ، وحكّم قضاوة الوجدان الشفّاف ..
قال الشيخ الصدوق : «من الدليل على أنّ
اللّه تبارك وتعالى عالم أنّ الأفعال المختلفة التقدير ، المتضادّة التدبير ، المتفاوتة
الصنعة لا تقع على ما ينبغي أن يكون عليه من الحكمة ممّن لا يعلمها ، ولا يستمرّ
على منهاج منتظم ممّن يجهلها ، ألا ترى أنّه لا يصوغ قُرطا [١] يُحكم صنعته ، ويضع كلاًّ من دقيقه
وجليله موضعه من لا يعرف الصياغة ، ولا ينظّم كتابةً يتّبع كلّ حرف منها ما قبله
من لا يعلم الكتابة ، والعالَم ألطف صنعة وأبدع تقريرا ممّا وصفناه ، فوقوعه من
غير عالِم بكيفيّته قبل وجوده أبعد وأشدّ إستحالة» [٢].
فمن البديهي أنّ هذا النظام الكوني
الدقيق البهيج ، لا يمكن أن ينشأ من الجهل أو يحدث بالصدفة.
بل في جميعها آيات صدق ، ودلائل حقّ
تفصح عن علم صانعها ، وخبرة بارئها ، وحكمة فاطرها.
وهي تكشف بوضوح أنّ خالقها كان عليما
بأجزائها وجزئياتها ، وخبيرا بربطها وإرتباطها ، وقادرا على صنعها وتركيبها بأحسن
شكل وأبدع صورة .. وبأجمل المناظر وأزهى المظاهر ، إلى جانب دقّة الفعل ورقّة
العمل.
فراجع الوجدان فيما تلاحظ من البراعة
العلمية ، والدقّة الفنّية في الآيات الأنفسيّة والآفاقيّة التي تلاحظها في هذا
الكون العظيم.