اسم الکتاب : العقائد الحقّة المؤلف : الصدر، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 29
والحجر
الجامس[١]، لو فكّرت
في مجاري أكلها ، وفي علوّها وسفلها ، وما في الجوف من شراسيف بطنها ، وما في
الرأس من عينها واُذنها لقضيت من خلقها عجبا ولقيت من وصفها تعبا ، فتعالى الذي
أقامها على قوائمها ، وبناها على دعائمها ، لم يشركه في فطرتها فاطر ، ولم يعنه
على خلقها قادر ، ولو ضربت في مذاهب فكرك لِتبلغ غاياتِه ما دلّتك الدلالة إلاّ
على أنّ فاطر النملة هو فاطر النحلة لدقيق تفصيل كلّ شيء ، وغامض إختلاف كلّ حيّ.
وما
الجليل واللطيف والثقيل والخفيف والقوي والضعيف في خلقه إلاّ سواء ، كذلك السماء
والهواء والريح والماء ، فانظر إلى الشمس والقمر والنبات والشجر والماء والحجر ، وإختلاف
هذا الليل والنهار ، وتفجّر هذه البحار وكثرة هذه الجبال ، وطول هذه القلال ، وتفرّق
هذه اللغات والألسن المختلفات.
فالويل
لمن أنكر المقدِّر وجحد المدبِّر.
زعموا
أنّهم كالنبات ما لهم زارع ، ولا لإختلاف صورهم صانع ، لم يلجأوا إلى حجّة فيما
ادّعوا ، ولا تحقيق لما وعوا ، وهل يكون بناءٌ من غير بانٍ أو جنايةٌ من غير جانٍ؟!
وإن
شئت قلت : في الجرادة إذ خلق لها عينين حمراوين ، وأسرج لها حدقتين قمراوين ، وجعل
لها السمع الخفيّ ، وفتح لها الفمّ السويّ ، وجعل لها الحسّ القويّ ، ونابين بهما
تقرض ، ومنجلين بهما تقبض ، ترهبها الزرّاع في زرعهم ولا يستطيعون ذبّها ولو
أجلبوا بجمعهم ،