يقول المؤرخ اليوناني هيرودوت : إن
المصريين هم أول الشعوب الذين اعتقدوا بخلود النفس ، [١]
ويذهب البعض إلى أن
عقيدة الخلود كانت تحتل مكانةً كبيرةً في نفوس المصريين ، إذ لا يكاد يوجد
مصدر تأريخي عن المصريين القدماء إلا وفكرة الخلود والحياة بعد الموت تحتل
مكانة الصدارة فيه. [٢]
ويقول جان ناس : إنّ المصريين القدماء
كانوا يعتقدون بأن السعادة بعد الموت مرتبطة بحفظ البدن ويجب حفظه من دون
عيب ، ولذلك فهم ترقوا كثيراً في كيفية حفظ الأبدان من التلف والفساد. [٣]
وبالنسبة إلى فكرة الخلود في جهنم فهم كانوا يعتقدون بأن أوزيريس يحاسب
الأموات ويوزن أعمالهم من السيئات والحسنات بميزان ، فمن رجحت حسناته
السيئات قاده الآلهة المحيطون بأوزيريس إلى جنة الأموات الصالحين حيث يتمتع
فيها بالسعادة الخالدة وأما من رجحت مساؤه فانه لا ينجو من هذا الاختبار ،
ويحكم عليه بأن يبقى أبد الدهر في قبره يجوع ويظمأ ويفترسه ويمزق جسده كلب
مثير للرعب بفمه الفاغر كأتون ، ومخالبه الحادة كسكين ورأسه المدبب كتمساح
، وجسمه البشع كتنين. [٤] وبعض هؤلاء
الذين رجحت
سيئاتهم حسناتهم تتحول نساؤهم إلى حمر نهمة تنهب أموالهم وتأكل على ظهورهم ،
لانهم كانوا يعملون ليل نهار ليضمنوا بقاءهم ، وآخرون لا يملكون سبيلاً
إلى الزاد بسبب الحفر التي تزداد وتتسع تحت أقدامهم ، لانهم استأثروا
بخيرات الأرض وما شبعوا فعوقبوا بالحرمان جزاء حرمانهم للآخرين. [٥]
[١].
الدكتور فرج الله عبد الباري ، اليوم
الآخر بين اليهودية والمسيحية والاسلام ، ص ٢٩.