ب) منافاة العذاب
الأبدي مع الرحمة الالهية الشاملة للكل
قال صدر المتألهين :
فان ذاته محض الرحمة والخير والنور ، وكل ما يصدر عنه يجب أن يكون من باب
الجود واللطف ، والكرم ، ووجود العاهات والشرور إنما يكون عنه بالغرض ،
وعلى سبيل الشذوذ والندور ، ولأنه ( سبقت رحمته غضبه ) فإن الرحمة ذاتية ،
والغضب أمر عارض ، والعرض الاتفاقي لا يكون دائمياً. [١]
ونقل لتأييد كلامه عن ابن عربي في
الفتوحات قوله : فعمرت الداران أي دار النعيم ودار الجحيم ، وسبقت الرحمة
الغضب ، ووسعت كل شيء حتى جهنم ومن فيها ، والله أرحم الراحمين ، وقد وجدنا
في نفوسنا ممّن جبل على الرحمة بحيث لو مكّنه الله في خلقه لأزال صفة
العذاب عن العالم ، والله قد أعطاه هذه الصفة ، ومعطي الكمال أحق به ،
وصاحب هذه الصفة أنا وأمثالي ، ونحن عباد مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض ، ولا
شك أنه أرحم بخلقه منا ، وقد قال عن نفسه إنه أرحم الراحمين ، فلا نشك أنه
أرحم بخلقه منا ، ونحن عرفنا من نفوسنا هذه المبالغة. [٢]
ونقل أيضاً عن القيصري قوله : واعلم أن
من اكتحلت عينه بنور الحق يعلم أن العالم بأسره عباد الله ، وليس لهم وجود
وصفة وفعل إلا بالله وحوله وقوته ، وكلهم محتاجون إلى رحمته ، وهو الرحمن
الرحيم ، ومن شأن من هو موصوف بهذه الصفات أن لا يعذب أحداً عذاباً أبداً. [٣]