فلمّا رأى وحدة الحسين عليهالسلام بحيث لم يبقَ معه أحد من أصحابه وأهل بيته ، أتاه وقال : هل من رخصة (للبراز والقتال)؟
فبكى الحسين عليهالسلام ـ وهو محتضن أخاه أبا الفضل ـ بكاءً شديداً.
قال : «يا أخي ، أنتَ صاحِبَ لُوائي ، وإذا مَضَيْتَ تَفرَّق عَسكَري».
فقال العباس عليهالسلام : قد ضاق صدري وسئمت الحياة ، وأريد أن أطلب ثأري من هؤلاء المنافقين.
فقال الحسين عليهالسلام : «إنْ كانَ ولا بدّ فاطْلبْ لِهؤلاءِ الأطفال قليلاً مِنِ الماء».
فمضى العباس بعد الوداع يطلب الماء من الفرات وعليه أربعة آلاف فارس ، فحملوا عليه وحمل هو عليهم ، وجعل يقول :
لا أرهبُ الموتَ إذا الموتُ رقى
حتّى اُوارى في المصاليتِ لقى
نفسي لنفسِ المصطفى الطّهرِ وقا
إنّي أنا العباسُ أغدو بالسقا
ولا أخافُ الشرَّ يومَ الملتقى
ففرّقهم ، حتّى إذا دخل الماء وأراد أن يشرب غرف غرفة من الماء فذكر عطش أخيه الحسين وأهل بيته عليهمالسلام ، فرمى الماء على الماء وقال :
يا نفسُ من بعدِ الحسينِ هوني
وبعدهُ لا كنتِ أن تكوني
هذا الحسينُ واردُ المنونِ
وتشربينَ باردَ المعينِ
تاللهِ ما هذا فعالُ ديني
ولا فعالُ صادقِ اليقينِ
ثمّ ملأ القربة وحملها متوجّهاً نحو الخيمة ، فقطوا عليه الطريق ، وأحاطوا به