responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الحسين (ع) والوهّابيّة المؤلف : جلال معاش    الجزء : 1  صفحة : 457

فقد هُدّمت واختفت عن الأنظار القبّاب البيضاء التي كانت تدلّ على قبور آل البيت النبوي في السابق ، وقبر الإمام مالك وغيرهم ، وأصاب القبور الأُخرى نفس المصير ، فسُحقت وهُشّمت حتّى الأقفاص المصنوعة من أعواد الجريد التي كانت تغطّي قبور الفقراء من الناس قد عُزلت جانباً وأُحرقت.

وحينما توغّلنا داخل المقبرة لمشاهدة الأكوام التي تدلّ في يومنا هذا على قبور المسلمين الأوائل الذين صنعوا التاريخ الحافل ، سمعتُ دليلي عامداً يكرّر بهمس ويقول : أستغفر الله ، أستغفر الله ، لا حول ولا قوّة إلاّ بالله. وكانت القلّة ممّن بقي من سدنة القبور التي بقيت معالمها شاخصة للعيان ، يقفون أو يجلسون بجنبها بأوجه كئيبة ، ومن دون أن تبدر منهم أيّة حركة ، فلم يطلبوا الصّدقة ولم يتكلّموا بشيء سوى بعض الكلمات الخافتة ، برغم عدم وجود أحد من الوهابيّين على مقربة منهم ، غير اثنين من عبيد ابن سبهان في الباب. لكنّ بعض النخاولة [١] كانوا لا يزالون منشغلين في التقاط بعض القطع الصالحة لاستعمالها في بيوتهم ، من الخشب وغيره يلتقطونها من بين الخرائب والأنقاض.

ليس بوسع هؤلاء النخاولة أن يدفنوا موتاهم في العادة بين قبور الأولياء في البقيع ، ولكنّهم قاموا الآن تحت إشراف السلطة وإرغامهم على تهديم وتدمير قبور المسلمين الموجودة في البقيع.

لقد سرنا في ممرٍّ ضيِّق ، وكنا نتجوّل بين الأنقاض والأزبال المبعثرة هنا وهناك ، ثمّ توجّهنا إلى جهة من المقبرة ، وفيما كنّا نخطو بخطوات بطيئة التقينا


[١]ـ لفظة تطلق على أتباع أهل البيت عليهم‌السلام في المدينة المنوّرة.

اسم الکتاب : الحسين (ع) والوهّابيّة المؤلف : جلال معاش    الجزء : 1  صفحة : 457
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست