الحسين عليهالسلام ورفضه للصبر على
الحيف والسّكوت على الظلم ، فسنّ بذلك للأجيال اللاحقة سنّة الإباء والتضحية من
أجل العقيدة وفي سبيلها ، حين وقف ذلك الموقف الرسالي العظيم يهزّ الاُمّة
ويشجّعها أن لا تموت هواناً وذلاً ، رافضاً بيعة الطليق ابن الطليق يزيد بن معاوية
قائلاً : «إنّ مثلي
لا يبايع مثله».
وها هو يصرّح لأخيه محمّد بن الحنفيّة
مجسّداً ذلك الإباء بقوله عليهالسلام
: «يا أخي ، والله
لو لم يكن في الدنيا ملجأ ولا مأوى لما بايعت يزيد بن معاوية»
[١].
ورغم أنّ الشيطان كان قد استحكم على
ضمائر النّاس فأماتها حتّى رضيت بالهوان ، لكن الإمام الحسين عليهالسلام وقف صارخاً بوجه
جحافل الشرّ والظلم من جيوش الردّة الاُموية قائلاً : «والله ، لا اُعطيكم
بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد ، إنّي عذت بربّي وربّكم أن ترجمون»
[٢].
لقد كانت كلمات الإمام أبي عبد الله
الحسين عليهالسلام
تعبّر عن أسمى مواقف أصحاب المبادئ والقيم وحملة الرسالات ، كما تنمّ عن عزّته
واعتداده بالنفس ، فقد قال عليهالسلام
:
«ألا وإنّ الدعيَّ ابن الدعيَّ قد ركز بين
اثنتين ؛ بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلة! يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون
، وحجور طابت وطهرت ، واُنوف حميّة ، ونفوس أبيّة من أن تؤثر طاعة اللئام على
مصارع الكرام» [٣].
وهكذا علّم الإمام الحسين عليهالسلام البشرية كيف يكون
الإباء في المواقف ، وكيف تكون التضحية من أجل الرسالة.
[١] الفتوح ـ لابن
أعثم ٥ / ٢٣ ، ومقتل الحسين ـ للخوارزمي ١ / ١٨٨ ، وبحار الأنوار ٤٤ / ٣٢٩.
[٢] مقتل الحسين ـ
للمقرّم / ٢٨٠ ، وتأريخ الطبري ٤ / ٣٣٠ ، وإعلام الورى ١ / ٤٥٩ ، وأعيان الشيعة ١
/ ٦٠٢.
[٣] أعيان الشيعة ١
/ ٦٠٣ ، والاحتجاج ٢ / ٢٤ ، ومقتل الحسين عليهالسلام
ـ للخوارزمي ٢ / ٦.