اسم الکتاب : أضواء على ثورة الحسين عليه السلام المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 24
وكلُّ موجود مشمول
لذلك ، سواء كان أنساناً أم حيواناً أم جماداً أم ملائكة أم غيرها مِن الأُمور. لا
يشذُّ عن ذلك حتَّى الأفعال الاختياريَّة للفاعلين المُختارين مِن الناس أو غيرهم
؛ فإنَّها بالرغم مِن أنَّها اختياريَّة منسوبة لأصحابها ، ويستحقُّون عليها المدح
أو القدح ، إلاَّ أنَّها بصفتها خلقاً مِن خلق الله سبحانه ، فهي منسوبة إليه جلَّ
جلاله ، ومِن ثمَّ يكون إيجادها ـ طبقاً لتلك القاعدة ـ ذا حكمة وعلَّة غائيَّة.
ومِن هنا يُمكن القول ـ أو يثبت الأمر ـ
: إنَّ أيَّ فعل مِن أفعالنا فهو له نحوان مِن المقاصد : نحو يعود إلى الفاعل نفسه
، ونحو يعود إلى الخالق جلَّ جلاله. لا يختلف في ذلك فعل الإنسان البسيط عن العظيم
، والعالم عن الجاهل ، ولا معصوم عن غير المعصوم ، وهكذا.
فمثلاً ، يُمكن القول : إنَّ الحسين عليهالسلام إنَّما قام بحركته
العظيمة ، مِن أجل غرضه الشخصي ـ بينه وبين نفسه ـ وذلك لأجل قيامه بواجب مِن
الواجبات الموكولة إليه والمُكلَّف بها تماماً ، كما لو صلَّينا صلاة الظهر
امتثالاً لأمر الله سبحانه علينا وجوباً مِن ناحية ، وطمعاً بالثواب الناتج منها
مِن ناحية أُخرى. وقد أمر الله الحسين عليهالسلام
ـ كما سيأتي شرحه ـ بهذه الحركة ، فهو يمتثل هذا الأمر ، مُتوخِّياً الثواب العظيم
، والمقامات العُليا التي ذخرها الله سبحانه له ، والتي لن ينالها إلاَّ بالشهادة.
ومحلُّ الشاهد ـ الآن ـ هو أنَّ
التساؤلات عن حركة الحسين عليهالسلام
، إنَّما هو مِن قبيل التساؤلات عن الحكمة الإلهيَّة فيها ، وليس عن الأغراض
الخاصَّة بالحسين عليهالسلام
منها ـ كما شرحناه ـ ؛ ومِن هنا يكون الاعتراض عليها ـ أعني هذه الحركة ـ والطعن
في أهدافها ، إنَّما هو طعن بالحكمة الإلهيَّة مُباشرة ،
فاعل بالقصد
والإرادة ؛ فإنَّه إنَّما يفعل لغرض وغاية ما ، وإلاَّ لكان عابثاً ؛ فإنَّ الفاعل
للبيت يتصوَّر الاستكنان أوَّلاً فيتحرَّك ، أو إلى إيجاد البيت ثمَّ يوجد
الاستكنان بحصول البيت). ص ٩٥ ط قُمْ.
اسم الکتاب : أضواء على ثورة الحسين عليه السلام المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 24