اسم الکتاب : أضواء على ثورة الحسين عليه السلام المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 227
الجهة السابعة : قالوا : وأقبلَ
فرس الحسين بعد سقوطه عليهالسلام
عنه ، يدور حوله ويُلطّخ عُرفه وناصيته بدمه ، فصاحَ ابن سعد بقومه : دونَكم الفرس
؛ فإنّه من جياد خيل رسول الله ، فأحاطت به الخيل ، فجعلَ يضرب برجليه حتّى قتلَ
رجالاً وأفراساً كثيرة ، فقال ابن سعد : دعوهُ ننظر ما يصنع ، فلمّا أمنَ الطلب ، أقبلَ
نحو الحسين عليهالسلام
، فأخذَ يمرِّغ ناصيته بدمه ويشمّه ويصهل صهيلاً عالياً ، ثمّ توجّه إلى المخيّم
بذلك الصهيل الحزين [١]
، وفي بعض الأخبار المنقولة أنّه : ضربَ رأسه بعمود الخيمة حتّى مات [٢].
فقد
يقع السؤال : عن إمكان إدراكه
وتشخيصه للموقف بغضّ النظر عن حصول المعجزة ، وهو حيوان وليس بإنسان بطبيعة الحال.
وجواب
ذلك : إنّنا إن أخذنا بفكرة المعجزة ، أمكنَ
القول بأنّ معاشرة المعصومين (سلام الله عليهم) من قِبل الإنسان والحيوان معاً ، مؤثّرة
في تكامله وفهمه ، كلّ واحدٍ بمقداره واستحقاقه واستعداده ، أمّا كيفيّة تقبّل ذلك
بالنسبة إلى الحيوان ، فهو أمر غير واضح ؛ لأنّ مستوى فهم الحيوانات أمر غير واضح
بدوره ، إلاّ أنّ عدم وضوحه لا يعني عدم ثبوته ولو بنحو الاحتمال القاطع للاستدلال.
وإن لم نأخذ بفكرة المعجزة ، فمن الأكيد
أنّ الفرس من أذكى الحيوانات وأرقاها ، وهي عند علماء الحيوان تأتي بعد القرد
مباشرة وخاصّة الأفراس العربية الأصيلة ، وقد كان فرس الحسين عليهالسلام واحداً منها ، فهي
تَعرف صاحبها وتحبّه ، وتعرف ذويه وتصبر على ما ينوبها في سبيله من جوعٍ أو عطش ،
وتحسّ بإكرام
[١] أمالي الصدوق : ص
١٤ ، مجلس ٣٠ ، الخوارزمي : ج ٢ ، ص ٣٧ ، البحار : ج ٤٥ ، ص ٥٧.