اسم الکتاب : أضواء على ثورة الحسين عليه السلام المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 201
مَعقل
يقول المؤرّخون : إنّ مَعقلاً حين أراد
التجسّس لابن زياد ، أقبلَ إلى المسجد ، فرأى مسلم بن عوسجة يُصلّي فيه فسألَ عنه؟
فقيل له : هذا يبايع للحسين بن علي ، فجاءه وجلس إلى جانبه ، حتّى إذا فرغَ من
صلاته سلّم عليه وأظهرَ لهُ أنّه رجل من أهل الشام ، وأنّه مولى لذي الكلاع
الحميري ، وممّن أنعمَ الله عليه بحبّ أهل البيت وحُبّ مَن أحبّهم وتباكى له ، وقال
له : إنّ عنده ثلاثة آلاف درهم يريد بها لقاء رجل من أهل البيت ، بَلَغه أنّه قدمَ
إلى الكوفة يبايع لابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله
، فقبلَ منهُ مسلم بن عوسجة وأخذ منه البيعة على يده فوراً. ثمّ أخذهُ إلى مسلم بن
عقيل ، فأخذَ عليه البيعة والمواثيق المغلّظة ليناصحنّ وليكتمنّ ، فأعطاهُ (مَعقل)
من ذلك ما رضي به ، ثمّ أمرَ مسلم أبا ثمامة الصائدي [١] بقبض المال منه ، وكان قد عيّنه مسلم
لقبض الأموال من الناس وتجهيزهم بما يحتاجونه من السلاح والعتاد ، وظلّ معقل يختلف
إلى دار هانئ كلّ صباحٍ ومساء ، فهو أوّل داخل وآخر خارج ، فينطلق بجميع الأخبار
والأسرار ، فيقرؤها في أُذن ابن زياد [٢]
، ممّا أدى في النتيجة إلى فشل مهمّة هذه الجماعة المُحقّة وتفرّقها عن مسلم بن
عقيل.
فهنا قد يرد السؤال عن السبب في انخداع
مسلم بن عوسجة ومسلم بن
[١] أبو تمّام
الصادئدي : هو عمرو بن عبد الله بن كعب الصائدي ، من شهداء الطف ، كان من فرسان
العرب ووجوه الشيعة ، وكان بصيراً بالأسلحة ، ولهذا لمّا جاء مسلم بن عقيل إلى
الكوفة قامَ معه وصار يقبض الأموال ، ويشتري بها الأسلحة بأمر مسلم بن عقيل.
وفي كتاب (نَفَس
المهموم) أنّ أبا تمّام قال للحسين عليهالسلام
: يا أبا عبد الله ، نفسي لك الفدى ، إنّي أرى هؤلاء قد اقتربوا منك ، ولا والله
لا تُقتل حتّى أُقتل إنشاء الله ، وأحبُ أن ألقى ربّي وقد صلّيت هذه الصلاة التي
قد دنى وقتها ، قال : فرفعَ الحسين رأسه ثمّ قال : «ذكرتَ الصلاة جَعلكَ الله من
المصلّين الذاكرين ، نعم ، هذا أوّل وقتها» (الكُنى والألقاب : ج ١ ، ص ٣٣).