اسم الکتاب : أضواء على ثورة الحسين عليه السلام المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 188
المستوى
الأوّل : إنّ قوله : (ثقتي من أهل بيتي) ، لا
دلالة فيه على أنّ ثقاته عليهالسلام
منحصرون فيه ، وإنّ غيره ليس من ثقاته ، أو أدنى منه في وثاقته ؛ فإنّ هذه
الاستفادة وأمثالها تسمّى في علم الأصول من مفهوم الوصف ، وهو باطل على ما هو
المُبرهن عليه هناك ؛ فإنّك لو وصفتَ شخصاً كريماً لم يكن معناه أنّ الآخرين ليسوا
كُرماء ، أو لا يوجد كريم غيره ، وخاصّة إذا فَصَلنا نقطة بين الصفتين : أعني (ثقتي)
من ناحية ، و (من أهل بيتي) من ناحية أخرى ؛ فإنّ هذا المعنى يكون واضح جدّاً ، ولا
دليل على ارتباطهما من هذه الناحية. وعلى أيّ حال ، فلو كان ظاهر العبارة ذلك ، لابدّ
من حَرفها عن ظاهرها وتأويلها ؛ لأنّ الظاهر إنّما يكون حجّة مع عدم قيام الدليل
على بطلانه ، ومن العلوم بالضرورة أنّ مثل هذا الظاهر ـ بعد التنزّل جَدلاً عمّا
قلناه ـ يكون غير مُحتمل الصحّة.
هذا ، وكلّ هذه المستويات من الكلام
يمكن أن نقولها في الصفة الأخرى ، وهي قوله : (والمفضّل عندي) ، فراجع وتأمّل ، مضافاً
إلى أنّها رواية غير معتبرة السند.
وأمّا قياسه ـ أعني مسلم بن عقيل عليهالسلام بالإمام المعصوم عليهالسلام ـ فهو غير مُحتمل
أصلاً في ضمير المؤمنين ووجدانهم ، وإنّما مراد الحسين عليهالسلام لو أراد تفضيله على
الآخرين ، فإنّما يريد غير المعصومين منهم بطبيعة الحال.
المستوى
الثاني : أن ننظر إلى أنّ الحسين عليهالسلام لماذا اختار مسلماً
بالذات للسفارة عنه في الكوفة ، مع أنّ أهل بيته عديدون ، فإذا أجبنا ـ كما سنسمع
بعد قليل ـ أنّه هو الوحيد الصالح منهم للسفارة ، أمكننا عندئذٍ أن نفهم من
العبارة أنّه (ثقتي من أهل بيتي ، والمفضّل عندي) : ممّن هو صالح لهذه السفارة
والمهمّة ، وعندئذٍ لا بأس أن يكون هو الوحيد الموصوف بها.
وعلينا الآن استعراض بعض الموانع
المحتملة التي كانت تحول دون إرسال غيره في هذه المهمّة :
اسم الکتاب : أضواء على ثورة الحسين عليه السلام المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 188