اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 398
قال ابن حجر في
الإصابة : ١/٢٢ : قال الإمام النووي : الصحابة كلهم عدول ، من لابس الفتن وغيرهم ،
بإجماع من يعتدُّ به ، وقال إمام الحرمين : والسبب في عدم الفحص عن عدالتهم أنّهم
حملة الشريعة ، فلو ثبت توقُّف في روايتهم لا نحصرت الشريعة على عصره ٦ ، ولما استرسلت
سائر الأعصار.
وقال الخطيب
البغدادي في الكفاية : ص ٦٤ مبوِّباً على عدالتهم : ما جاء في تعديل الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم للصحابة ، وأنّه لا يحتاج إلى سؤال
عنهم ، وإنما يجب فيمن دونهم : كل حديث اتصل إسناده بين من رواه وبين النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يلزم العمل به إلاَّ بعد ثبوت عدالة
رجاله ، ويجب النظر في أحوالهم سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة
بتعديل الله لهم ، وإخباره عن طهارتهم ، واختياره لهم في نصّ القرآن.
وقال ابن حزم في
المحلّى : ٩/٣٦٢ : فالصحابة كلهم عدول ، فإذا ثبتت صحة صحبته فهو عدل مقطوع
بعدالته ؛ لقول الله تعالى : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ
أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ) الآية. سورة الفتح ، الآية : ٢٩.
وأمَّا أبو حنيفة
فله رأي في ذلك ، قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : ٤/٦٨ : روى أبو يوسف أنَّه
قال أبو حنيفة : الصحابة كلُّهم عدول ما عدا رجالا ، ثمَّ عدَّ منهم أبا هريرة
وأنس بن مالك.
أقول : لو كان كل
الصحابة عدولا كما يزعم هؤلاء ، وقد زكَّاهم الله تعالى لما رمى بعضهم بعضاً
بالكذب والافتراء ، ولما قاتل بعضهم بعضاً ، ولما اعتدى بعضهم على بعض ، ولصدَّق
بعضهم بعضاً ، هذا ولم تكن الصحابة في يوم ما يعتقدون في أنفسهم هذا الاعتقاد من
النزاهة والطهارة ، كيف وحال الصحابة يشهد بعدم ذلك؟ فلو كانت الصحابة كلهم عدولا
لما خفي عليهم هذا الأمر ، ولا حتجّوا بالآية الشريفة على هذه الدعوى ، ولا حتجَّ
بعضهم على بعض دفاعاً عن نفسه بما زعمه هؤلاء من التزكية ، وهذا لم يحصل إطلاقاً ،
والآية الشريفة ليست مطلقة كي تشمل جميع الصحابة فراجع سبب نزولها.
وأمَّا قول إمام
الحرمين : والسبب في عدم الفحص عن عدالتهم أنهم حملة الشريعة ، فلو ثبت توقُّف في
روايتهم لا نحصرت الشريعة على عصره 6 ولما
استرسلت سائر الأعصار.
فهو أول الكلام ؛
فإنّا لا نسلِّم انحصار الشريعة بهم ومن طريقهم ، وذلك لوجود عترة النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته عليهمالسلام الذين أمرنا بالتمسُّك بهم في حديث
السفينة وحديث الثقلين وغيرهما ، وثانياً : لو سلَّمنا توقُّفها فهي لا تتوقَّف
على جميع الصحابة ، بل من ثبتت وثاقته وتزكيته.
اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 398