اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 284
كشحاً ، وطفقت أرتئي
بين أن أصول بيد جذَّاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها
الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربَّه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت
وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهباً ... إلخ الخطبة [١].
وكم وقف متظلِّماً من القوم ، يبثُّ
شكواه قائلا : اللهم إني أستعينك على قريش ومن أعانهم ، فإنهم قطعوا رحمي ،
وصغَّروا عظيم منزلتي ، وأجمعوا على منازعتي أمراً هو لي ، ثمَّ قالوا : ألا إن في
الحق أن تأخذه ، وفي الحق أن تتركه[٢].
يا الله!! ما أعظم هذه الكلمات! إنها
تخرق الحجر ، وليس الدم واللحم ، فيتابع قوله : فنظرت فإذا ليس لي معين إلاَّ أهل
بيتي ، فضننت بهم عن الموت ، أغضيت على القذى ، وشربت على الشجا ، وصبرت على أخذ
الكظم ، وعلى أمرَّ من طعم العلقم [٣].
فصرت أتساءل : ما ذنب عليٍّ عليهالسلامفي التاريخ؟ الله أكبر! وأتابع البحث من
جديد ، وأشحذ همّتي كي أستطيع التأمُّل والتفكُّر في مناشدات وخطابات سيِّدي
وإمامي علي عليهالسلام روحي فداه
.. ما قرأت مقطعاً من كلماته إلاَّ وانهمرت دموعي!!
ومرَّة أخرى يبثُّ شكواه بمرارة : فجزت
قريشاً عنّي الجوازي ، فقد قطعوا
[١] نهج البلاغة ، خطب الإمام علي عليهالسلام:
١/٣٠ ـ ٣١ ، خطبة رقم : ٣.
[٢] نهج البلاغة ،
خطب الإمام علي عليهالسلام:
٢/٨٥ ، خطبة رقم : ١٧٢ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٤/١٠٣ ـ ١٠٤ و٦/٩٦
و٩/٣٠٥ ، الإمامة والسياسة ، ابن قتيبة : ١/١٧٦.
[٣] نهج البلاغة ،
خطب الإمام علي عليهالسلام:
١/٦٧ ، خطبة رقم : ٢٦ ، شرح نهج البلاغة ، ابن أبي الحديد : ٢/٢٠ ، الإمامة
والسياسة ، ابن قتيبة : ١/١٧٦.
اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 284