اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 218
وتمضي السنوات ، وتبقى في نفسي أشياء
وأشياء ، لكنّي لمَّا لم أصل إلى الجواب قفلت عليها في صدري ، وألقيت حبلها على
غاربها ومضيت.
وتشاء الأقدار أن تجمعني بصديق قديم ، وزميل
دراسة ، كنَّا تفارقنا مدَّة من الزمن ، وإذا بي أسمع أنه شيعي ، لقد كنت أعتقد أن
المذهب السنّيّ هو المذهب الصافي ، وخاصّة أتباع الإمام مالك ، إمام دار الهجرة ،
حيث إن أكثر إفريقيا مالكيُّون ، وكنت أعتقد أن بقيَّة المذاهب الثلاثة وإن كانت
على الحقّ ، لكنَّ المذهب المالكي أصفاها وأحقُّها ، نعم كانت أحياناً تجول في
خاطري تساؤلات حول الاختلافات التي ما بين هذه المذاهب الأربعة ، وكنت لا أرى
مبرِّراً لاختلافها ، نعم لقد تعلَّمنا منذ صغرنا أن اختلافها رحمة ، وأنهم كلَّهم
من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
ملتمس ، لكن كان في نفسي من ذلك ما كان ، لكنّي قنعت بحجّة شيوخنا ، أو ربَّما
أقنعت بها نفسي.
وكنت قاطعاً ببطلان مذهب الشيعة ، وأنهم
متطرِّفون في عقائدهم ، وكنت أسمع ما كان ينقله البعض حول بكائهم على الحسين عليهالسلام ، وسبِّهم للصحابة ، فيزداد عجبي ،
وكنت أتمنَّى أن ألتقي بواحد منهم لأقنعه ، أو على الأقل لأعرف لماذا هم هكذا؟
كان أوَّل ما ناقشني فيه صديقي الشيعي
حديث العشرة المبشَّرين بالجنَّة ، وقال لي : هل يعقل أن يكون طلحة والزبير وعلي عليهالسلام في الجنة ، وقد قتل بعضهم بعضاً ، وشتم
بعضهم بعضاً؟!
وهل يعقل كذلك أن يكونوا في النار؟!
فكان مما أجابني به أن الصحابة على ثلاثة أقسام : قسم الثابتين بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقسم المرتدّين ( فعلا لا قولا ) ،
وقسم المنافقين ، وعليه لا يمكن أن يكونوا كلُّهم عدولا.
اسم الکتاب : مناظرات المستبصرين المؤلف : عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 218