بالبدن المكتسب ، فإن كان عاصيا يتألّم بما اكتسبه في الدنيا من الأخلاق
الرديّة ، والملكات الفاسدة إلى يوم القيامة الكبرى ؛ كما قال : (وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ
يُبْعَثُونَ)[١].
وإن كان مطيعا
صحيح العقيدة يتلذّذ بأخلاقه الحسنة في بدنه المثاليّ ؛ كما قال عليه السلام :
المؤمن إذا قبضه الله صيّر روحه في قالب كقالبه في الدنيا ، فيأكلون ويشربون ،
فإذا قدم عليه القادم عرفه بتلك الصورة الّتي كانت في الدنيا [٣].
ولعلّ هذا
المقام هو الجنّة الّتي أشار إليها بقوله : إنّ لله جنّة ليس فيها حور ولا قصور
ولا عسل ولا لبن ؛ يتجلّى فيها ضاحكا مستبشرا ، انتهى.
وهذا معنى ما
قيل : من أنّ النفس الإنسانيّة بمنزلة اللوح ، والأعمال والأخلاق بمنزلة الأرقام
والنقوش ، والبدن بمنزلة الغبار ، فإذا ارتفع غبار البدن عن لوح النفس يظهر ما فيه
من أثر الأخلاق ، فيتألّم العاصي ، ويلتذّ المطيع.
وما قيل : من
أنّ الحيّة الّتي تلسعك في القبر هي الّتي تلسعك الآن ، ولكن نفسك لاشتغالها
بتدبير البدن لا تدرك الألم ، فإذا ارتفع غفلتها بسبب