responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بوارق القهر في تفسير سورة الدّهر المؤلف : الشريف الكاشاني، حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 309

وإنّما حصل التميّز بين الفريقين والتفريق بين الصنفين ببعث الرسل والكمّل ، فمن قصد طاعتهم حقّ القصد ، وأجابهم حقّ الإجابة ، فهو من الفرقة السعيدة ، ومن تولّى عنهم ، واتّخذ سبيلا غير سبيلهم ، فهو من الفرقة الشقيّة.

فالإجابة علامة الهداية ، وهي كاشفة عن الاستعداد الأزليّ لمراتب المعارف ، والإنكار آية الشقاوة ، وهو كاشف عن عدم القبول أوّلا ؛ كما قال : (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [١].

وقال : (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ) [٢]. أي : لا يمكن لك هداية من ليس مستعدّا لمقام الهداية ، وإنّما تهدي من استعدّ لها في الأزل.

وبالجملة : فحاصل معنى الآية الشريفة أنّكم لا تختارون في ذلك المشهد شيئا من أمر السعادة والشقاوة ، إلّا والله تعالى يعلم ذلك في الأزل من قضيّة استعدادكم ، فمن عمله سعيدا أي مستعدّا لذلك المقام يظهر في ذلك المشهد بالسعادة ، أي إجابة الرسل ، والإقرار بمقاماتهم.

وكذلك من علمه شقيّا في الأزل يظهر بالشقاوة في ذلك المشهد ، فالمشيّة المنتسبة إلى الله بمعنى العلم الأزليّ والقضاء الإلهيّ الأوّليّ ؛ كما في


[١]القصص : ٥٠.

[٢]الروم : ٥٢ ـ ٥٣.

اسم الکتاب : بوارق القهر في تفسير سورة الدّهر المؤلف : الشريف الكاشاني، حبيب الله    الجزء : 1  صفحة : 309
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست