أقول : لقد
أشار تعالى في تلك الآية إلى خسران الّذين اتّبعوا أهواءهم ، واستراحت أنفسهم
بقضاء قضاياها وما اشتهته من الأمور المضلّة الّتي بها تغلب على العقل وجنوده ، ويطفأ
نور ملكوتيّته ، فاختاروا اللذّات الحسّيّة العاجلة الفانية على اللذّات الحقيقيّة
الدائمة ، حيث ما اتّبعوا النبيّ صلّى الله عليه وآله في أوامره ونواهيه وأفعاله
من العبادات والرياضات المذكورة من السجود بالتذلّل عند حضرة الحقّ ، والتسبيح
والتقديس لذاته المجرّدة عن صفات كلّ ما في الإمكان من العيب والنقصان ، فلو كانوا
متّبعين له حقّ الاتّباع ، متأسّين به في تلك الرياضات لما اشتروا اللذّة العاجلة
باللذّة الروحانيّة الباقية ، لأنّهم حينئذ يجدون اللذّات الروحانيّة بكسر شهوات
النفس بالمتابعة والانقياد ، فيستغنون بها عن اللذّة العاجلة ؛ إذ الواجد للأعلى