وقال صلّى الله
عليه وآله : إنّ الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار ، وإنّ الملأ الأعلى
يطلبونه كما تطلبونه أنتم [١].
وأمثال ذلك
أكثر من الرمل والحصى ؛ كما لا يخفى على المتتبّع في كلمات آل الله ، وذلك هو
السرّ في إعراض الكليم عليه السلام عن بيان الحقيقة لمّا قال فرعون : (وَما رَبُّ الْعالَمِينَ)[٢] سائلا عن الحقيقة ، فإنّ «ما» إنّما هي للسؤال عن هويّة
الشيء ؛ كما بيّن في محلّه.
من گدا
وتمنّاى وصل او هيهات
مگر به خواب
ببينم خيال منظر دوست
وأمّا ما روي
عن عليّ عليه السلام من أنّه قال : فعرفته وعبدته ولم أعبد ربّا لم أره [٣]. فمؤوّل بما
عرفت ؛ أي لمّا تحقّق لي أنّه بحيث لا يمكن لشيء أن يحيط به ، عرفت أن ليس سواه
الّذي هو المحيط به مستحقّا لأن أتذلّل له بالعبوديّة.
أو بأنّ المراد
: المشيّة الأزليّة ؛ كما ستأتي إليه الإشارة.
ولا بمعنى أنّه
يظهر في المجالي الممكنة ، والمرائي المحدثة بصفاته الكماليّة ، فالأشياء كلّها
متجلّى الحقّ ، وفيها ظلال صفاته الحسنى ، وأمثال أسمائه العليا ، فللحقّ في كلّ
الخلق ظهور خاصّ يعرفه العارف به ، ويطّلع عليه كما يعرف الشيء بالظلّ. وذلك مذهب
بعض الصوفيّة.