يشارك أزليّته شيء ، وإلّا لزم تعدّد الآلهة المتأزّلات ، وإبطاله غير
مفتقر إلى النفي والإثبات ، و «احبّ أن يعرف» بمعنى أن يطّلع غيره من مراتب الخلق
على أنّه تعالى بكيفوفيّة لا يدركها إلّا هو ، وبحيثوثيّة لا يعرفها إلّا هو.
فمعنى قوله : «فخلقت
الخلق لكي أعرف» [١] أنّي بدعتهم لكي يعرفوا أنّي أنا الله الّذي تقدّست
هويّتي عن أن يعرفها شيء سواي ، وتجلّلت كينونيّتي عن أن يطّلع عليها شيء غيري ،
فيشهدوا لي بالألوهيّة ، ويخلصوا لي العبادة ؛ مخلصين لي الدين ، لا يشركون بي
شيئا.
لا بمعنى أن
يطّلع غيره على هويّته المطلقة البحتة المبرّاة عن جميع القيود والاعتبارات ،
والمعرّاة عن كلّ الإشارات والعبارات ، فإنّه تعالى لو كان بحيث عرفه شيء لكان
محاطا لذلك الشيء ، وذلك الشيء محيطا ، والمحاط عليه لا يصلح لأن يكون إلها لما هو
المحيط عليه.
ولا ريب أنّ
المحاطيّة نقص بيّن ، لأنّها نوع من الانفعال ، فلا يمكن إدراك ذات الحقّ وصفاته
الذاتيّة الّتي هي عينه ، ولذا نهينا عن التفكّر فيه ، وحذّرنا عن التعمّق فيه ؛ كما
قال تعالى : (وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ
نَفْسَهُ وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ)[٢].
وقال صلّى الله
عليه وآله : لا تفكّروا في ذات الله فإنّكم لن تقدّروا قدره [٣].