فَأَتَى اللّٰهُ بُنْيٰانَهُمْ مِنَ الْقَوٰاعِدِ [1] فَإِتْيَانُهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ إِرْسَالُ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ،وَ كَذَلِكَ مَا وَصَفَ اللَّهُ مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَ تَعَالَى عُلُوّاً كَبِيراً،وَ تَجْرِي أُمُورُهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ كَمَا تَجْرِي أُمُورُهُ فِي الدُّنْيَا، لاَ يَغِيبُ [2]وَ لاَ يَأْفِلُ مَعَ الْآفِلِينَ،فَاكْتَفِ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا جَالَ فِي صَدْرِكَ مِمَّا وَصَفَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي كِتَابِهِ،وَ لاَ تَجْعَلْ كَلاَمَهُ كَكَلاَمِ الْبَشَرِ،هُوَ أَعْظَمُ وَ أَجَلُّ وَ أَكْرَمُ وَ أَعَزُّ،تَبَارَكَ وَ تَعَالَى مِنْ أَنْ يَصِفَهُ الْوَاصِفُونَ إِلاَّ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [3]».
قَالَ:فَرَّجْتَ عَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ،وَ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً.
[فَقَالَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)]:«وَ أَمَّا قَوْلُهُ: بَلْ هُمْ بِلِقٰاءِ رَبِّهِمْ كٰافِرُونَ [4]،وَ ذِكْرُهُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاَقُوا رَبِّهِمْ،وَ قَوْلُهُ لِغَيْرِهِمْ: إِلىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ [5]بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ،وَ قَوْلُهُ: فَمَنْ كٰانَ يَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صٰالِحاً [6]،فَأَمَّا قَوْلُهُ: بَلْ هُمْ بِلِقٰاءِ رَبِّهِمْ كٰافِرُونَ يَعْنِي الْبَعْثَ فَسَمَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ لِقَاءَهُ، وَ كَذَلِكَ ذِكْرُ الْمُؤْمِنِينَ: اَلَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاٰقُوا رَبِّهِمْ [7]،يَعْنِي يُوقِنُونَ أَنَّهُمْ يُبْعَثُونَ وَ يُحْشَرُونَ وَ يُحَاسَبُونَ وَ يُجْزَوْنَ بِالثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ،وَ الظَّنُّ هَاهُنَا الْيَقِينُ خَاصَّةً،وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَمَنْ كٰانَ يَرْجُوا لِقٰاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صٰالِحاً ،وَ قَوْلُهُ: مَنْ كٰانَ يَرْجُوا لِقٰاءَ اللّٰهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللّٰهِ لَآتٍ [8]يَعْنِي مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَبْعُوثٌ،فَإِنَّ وَعْدَ اللَّهِ لَآتٍ مِنَ الثَّوَابِ وَ الْعِقَابِ،فَاللِّقَاءُ هَاهُنَا لَيْسَ بِالرُّؤْيَةِ،وَ اللِّقَاءُ هُوَ الْبَعْثُ،فَافْهَمْ جَمِيعَ مَا فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ لِقَائِهِ، فَإِنَّهُ يَعْنِي بِذَلِكَ الْبَعْثَ،وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاٰمٌ [9]يَعْنِي أَنَّهُ لاَ يَزُولُ الْإِيمَانُ عَنْ قُلُوبِهِمْ يَوْمَ يُبْعَثُونَ».
قَالَ:فَرَّجْتَ عَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ،فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ،فَقَدْ حَلَلْتَ عَنِّي عُقْدَةً.
فَقَالَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النّٰارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوٰاقِعُوهٰا [10]يَعْنِي أَيْقَنُوا أَنَّهُمْ دَاخِلُوهَا.
[1] النحل 16:26.
[2] في«ج،ي»:يلعب.
[3] الشورى 42:11.
[4] السجدة 32:10.
[5] التوبة 9:77.
[6] الكهف 18:110.
[7] البقرة 2:46.
[8] العنكبوت 29:5.
[9] الأحزاب 33:44.
[10] الكهف 18:53.