وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مٰا كُنْتُمْ [1] ،وَ قَوْلُهُ: وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [2]،فَكَذَلِكَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى سُبُّوحاً قُدُّوساً تَعَالَى أَنْ يَجْرِيَ مِنْهُ مَا يَجْرِي مِنَ الْمَخْلُوقِينَ،وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ،وَ أَجَلُّ وَ أَكْبَرُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ شَيْءٌ مِمَّا يَنْزِلُ بِخَلْقِهِ،وَ هُوَ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى،عِلْمُهُ [3]شَاهِدٌ لِكُلِّ نَجْوَى،وَ هُوَ الْوَكِيلُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ،وَ الْمُيَسِّرُ لِكُلِّ شَيْءٍ وَ الْمُدَبَّرُ لِلْأَشْيَاءِ كُلِّهَا،تَعَالَى اللَّهُ عَنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى عَرْشِهِ عُلُوّاً كَبِيراً.
وَ أَمَّا قَوْلُهُ: وَ جٰاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [4]،وَ قَوْلُهُ: وَ لَقَدْ جِئْتُمُونٰا فُرٰادىٰ كَمٰا خَلَقْنٰاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ [5]،وَ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّٰ أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللّٰهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمٰامِ وَ الْمَلاٰئِكَةِ [6]،وَ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّٰ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلاٰئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيٰاتِ رَبِّكَ [7]فَإِنَّ ذَلِكَ حَقٌّ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ،وَ لَيْسَ لَهُ جَيْئَةٌ كَجَيْئَةِ الْخَلْقِ،وَ قَدْ أَعْلَمْتُكَ أَنَّ رُبَّ شَيْءٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَأْوِيلُهُ عَلَى غَيْرِ تَنْزِيلِهِ،وَ لاَ يُشْبِهُ كَلاَمَ الْبَشَرِ،وَ سَأُنَبِّئُكَ بِطَرَفٍ مِنْهُ،فَتَكْتَفِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى،مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): إِنِّي ذٰاهِبٌ إِلىٰ رَبِّي سَيَهْدِينِ [8]فَذَهَابُهُ إِلَى رَبِّهِ تَوَجُّهُهُ إِلَيْهِ عِبَادَةً وَ اجْتِهَاداً وَ قُرْبَةً إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ،أَ لاَ تَرَى أَنَّ تَأْوِيلَهُ غَيْرُ تَنْزِيلِهِ؟وَ قَالَ: وَ أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ [9]،يَعْنِي السِّلاَحَ وَ غَيْرَ ذَلِكَ،وَ قَوْلُهُ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّٰ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلاٰئِكَةُ يُخْبِرُ مُحَمَّداً(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)عَنِ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ فَقَالَ: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّٰ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلاٰئِكَةُ حَيْثُ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِرَسُولِهِ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيٰاتِ رَبِّكَ يَعْنِي بِذَلِكَ الْعَذَابَ [10]فِي دَارِ الدُّنْيَا كَمَا عَذَّبَ الْقُرُونَ الْأُولَى،فَهَذَا خَبَرٌ يُخْبِرُ بِهِ النَّبِيُّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)عَنْهُمْ.
ثُمَّ قَالَ: يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيٰاتِ رَبِّكَ لاٰ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمٰانُهٰا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمٰانِهٰا خَيْراً يَعْنِي مِنْ قَبْلِ [11]أَنْ تَجِيءَ هَذِهِ الْآيَةُ،وَ هَذِهِ الْآيَةُ طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا،وَ إِنَّمَا يَكْتَفِي أُولُو الْأَلْبَابِ وَ الْحِجَا وَ أُولُو النُّهَى أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ إِذَا انْكَشَفَ الْغِطَاءُ رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ،وَ قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: فَأَتٰاهُمُ اللّٰهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا [12]يَعْنِي أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ عَذَاباً،وَ كَذَلِكَ إِتْيَانُهُ بُنْيَانَهُمْ،وَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ:
[1] الحديد 57:4.
[2] سورة ق 50:16.
[3] (و هو على العرش استوى علمه)ليس في«ج،ي».
[4] الفجر 89:22.
[5] الأنعام 6:94.
[6] البقرة 2:210.
[7] الأنعام 6:158.
[8] الصافّات 37:99.
[9] الحديد 57:25.
[10] زاد في المصدر:يأتيهم.
[11] (أو كسبت في...يعني من قبل)ليس في«ج،ي».
[12] الحشر 59:2.