لَتُجِيبَنَّ أَبْنَاءَهُمْ إِلَى مِثْلِهَا وَ أَنْتَ مَضِيضٌ مُضْطَهَدٌ.فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ صِفِّينَ،وَ رَضُوا بِالْحَكَمَيْنِ،كَتَبَ:هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ،فَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ:لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ مَا حَارَبْنَاكَ،وَ لَكِنِ اكْتُبْ:هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ.فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ،أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِذَلِكَ.ثُمَّ كَتَبَ الْكِتَابَ».
قَالَ:«فَلَمَّا كَتَبُوا الْكِتَابَ قَامَتْ خُزَاعَةُ،فَقَالَتْ:نَحْنُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَ عَقْدِهِ.وَ قَامَتْ بَنُو بَكْرٍ فَقَالَتْ:نَحْنُ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَ عَقْدِهَا.وَ كَتَبُوا نُسْخَتَيْنِ:نُسْخَةً عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ وَ نُسْخَةً عِنْدَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو،وَ رَجَعَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو وَ حَفْصُ بْنُ الْأَحْنَفِ إِلَى قُرَيْشٍ فَأَخْبَرَاهُمْ.
وَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لِأَصْحَابِهِ:اِنْحَرُوا بُدْنَكُمْ،وَ احْلِقُوا رُؤُسَكُمْ.فَامْتَنَعُوا وَ قَالُوا:كَيْفَ نَنْحَرُ وَ نَحْلِقُ وَ لَمْ نَطُفْ بِالْبَيْتِ،وَ لَمْ نَسْعَ بَيْنَ الصَّفَا وَ الْمَرْوَةِ:فَاغْتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)مِنْ ذَلِكَ وَ شَكَا[ذَلِكَ]إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ:يَا رَسُولَ اللَّهِ،انْحَرْ أَنْتَ وَ احْلِقْ،فَنَحَرَ[رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ حَلَقَ،وَ نَحَرَ]الْقَوْمُ عَلَى خُبْثِ يَقِينٍ وَ شَكٍّ وَ ارْتِيَابٍ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)تَعْظِيماً لِلْبُدْنِ:رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ.وَ قَالَ قَوْمٌ لَمْ يَسُوقُوا الْبُدْنَ:يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَ الْمُقَصِّرِينَ؟لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَسُقْ[هَدْياً]لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَلْقُ،فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)ثَانِياً:رَحِمَ اللَّهُ الْمُحَلِّقِينَ، الَّذِينَ لَمْ يَسُوقُوا الْهَدْيَ.فَقَالُوا:يَا رَسُولَ اللَّهِ،وَ الْمُقَصِّرِينَ؟فَقَالَ:رَحِمَ اللَّهُ الْمُقَصِّرِينَ.
ثُمَّ رَحَلَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)نَحْوَ الْمَدِينَةِ،فَرَجَعَ إِلَى التَّنْعِيمِ،وَ نَزَلَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ،فَجَاءَ أَصْحَابُهُ الَّذِينَ أَنْكَرُوا عَلَيْهِ الصُّلْحَ،وَ اعْتَذَرُوا وَ أَظْهَرُوا النَّدَامَةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ،وَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَهُمْ، فَنَزَلَتْ آيَةُ الرِّضْوَانِ.
99-/9891 _2- ابْنُ بَابَوَيْهِ،قَالَ:حَدَّثَنَا تَمِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ تَمِيمٍ الْقُرَشِيُّ(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)،قَالَ:حَدَّثَنِي أَبِي،عَنْ حَمْدَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ النَّيْسَابُورِيِّ،عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَهْمِ،قَالَ: حَضَرْتُ مَجْلِسَ الْمَأْمُونِ،وَ عِنْدَهُ الرِّضَا عَلِيُّ ابْنُ مُوسَى(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،فَقَالَ لَهُ الْمَأْمُونُ:يَا بْنَ رَسُولِ اللَّهِ،أَ لَيْسَ مِنْ قَوْلِكَ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ مَعْصُومُونَ؟قَالَ:«بَلَى».وَ ذَكَرَ الْمَأْمُونُ الْآيَاتِ الَّتِي فِي الْأَنْبِيَاءِ،وَ قَدْ ذَكَرْنَا كُلَّ آيَةٍ فِي مَوْضِعِهَا،إِلَى أَنْ قَالَ الْمَأْمُونُ:فَأَخْبِرْنِي-يَا أَبَا الْحَسَنِ-عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ ،قَالَ الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ عِنْدَ مُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ أَعْظَمَ ذَنْباً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ثَلاَثَمِائَةٍ وَ سِتِّينَ صَنَماً،فَلَمَّا جَاءَهُمْ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِالدَّعْوَةِ إِلَى كَلِمَةِ الْإِخْلاَصِ،كَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَ عَظُمَ،وَ قَالُوا: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلٰهاً وٰاحِداً إِنَّ هٰذٰا لَشَيْءٌ عُجٰابٌ* وَ انْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَ اصْبِرُوا عَلىٰ آلِهَتِكُمْ إِنَّ هٰذٰا لَشَيْءٌ يُرٰادُ* مٰا سَمِعْنٰا بِهٰذٰا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هٰذٰا إِلاَّ اخْتِلاٰقٌ [1]،فَلَمَّا فَتَحَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)مَكَّةَ،قَالَ لَهُ:يَا مُحَمَّدُ:
[1] سورة ص 38:5-7.