responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم    الجزء : 5  صفحة : 81

وَعَدَنِي أَنْ أَفْتَحَ مَكَّةَ وَ أَطُوفَ وَ أَسْعَى وَ أَحْلِقَ مَعَ الْمُحَلِّقِينَ؟فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ لَهُمْ:فَإِنْ لَمْ تَقْبَلُوا الصُّلْحَ فَحَارِبُوهُمْ،فَمَرُّوا نَحْوَ قُرَيْشٍ وَ هُمْ مُسْتَعِدُّونَ لِلْحَرْبِ،وَ حَمَلُوا عَلَيْهِمْ،فَانْهَزَمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) هَزِيمَةً قَبِيحَةً،وَ مَرُّوا بِرَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،ثُمَّ قَالَ:يَا عَلِيُّ،خُذِ السَّيْفَ وَ اسْتَقْبِلْ قُرَيْشاً.فَأَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)سَيْفَهُ وَ حَمَلَ عَلَى قُرَيْشٍ فَلَمَّا نَظَرُوا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)تَرَاجَعُوا، وَ قَالُوا:يَا عَلِيُّ،بَدَا لِمُحَمَّدٍ فِيمَا أَعْطَانَا؟فَقَالَ:لاَ،وَ تَرَاجَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)مُسْتَحْيِينَ،وَ أَقْبَلُوا يَعْتَذِرُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ بَدْرٍ،إِذْ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيكُمْ:

إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجٰابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاٰئِكَةِ مُرْدِفِينَ [1] ؟أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ أُحُدٍ:

إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لاٰ تَلْوُونَ عَلىٰ أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرٰاكُمْ [2] ؟أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ كَذَا[أَ لَسْتُمْ أَصْحَابِي يَوْمَ كَذَا]؟فَاعْتَذَرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ،وَ قَالُوا:اَللَّهُ أَعْلَمُ وَ رَسُولُهُ، فَاصْنَعْ مَا بَدَا لَكَ.

وَ رَجَعَ حَفْصُ بْنُ الْأَحْنَفِ وَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،فَقَالاَ:يَا مُحَمَّدُ،قَدْ أَجَابَتْ قُرَيْشٌ إِلَى مَا اشْتَرَطْتَ[عَلَيْهِمْ]مِنْ إِظْهَارِ الْإِسْلاَمِ،وَ أَنْ لاَ يُكْرَهَ أَحَدٌ عَلَى دِينِهِ.فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِالْمَكْتَبِ [3]، وَ دَعَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)وَ قَالَ لَهُ:اُكْتُبْ،فَكَتَبَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.فَقَالَ سُهَيْلُ ابْنُ عَمْرٍو:لاَ نَعْرِفُ الرَّحْمَنَ،اكْتُبْ كَمَا كَانَ يَكْتُبُ آبَاؤُكَ:بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ.فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)اكْتُبْ:

بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ،فَإِنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ،ثُمَّ كَتَبَ:هَذَا مَا تَقَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ.فَقَالَ سُهَيْلُ ابْنُ عَمْرٍو:لَوْ عَلِمْنَا أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا حَارَبْنَاكَ،اكْتُبْ:هَذَا مَا تَقَاضَا عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،أَ تَأْنَفُ مِنْ نَسَبِكَ، يَا مُحَمَّدُ؟فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):أَنَا رَسُولُ اللَّهِ،وَ إِنْ لَمْ تُقِرُّوا.ثُمَّ قَالَ:اُمْحُ-يَا عَلِيُّ-وَ اكْتُبْ:مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):مَا أَمْحُو اسْمَكَ مِنَ النُّبُوَّةِ أَبَداً،فَمَحَاهُ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِيَدِهِ،ثُمَّ كَتَبَ:

هَذَا مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَ الْمَلَأُ مِنْ قُرَيْشٍ،وَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو،وَ اصْطَلَحُوا عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ بَيْنَهُمْ عَشْرَ سِنِينَ،عَلَى أَنْ يَكُفَّ بَعْضُنَا عَنْ بَعْضٍ،وَ عَلَى أَنَّهُ لاَ إِسْلاَلَ وَ لاَ إِغْلاَلَ،وَ أَنَّ بَيْنَنَا وَ بَيْنَهُمْ عَيْبَةً مَكْفُوفَةً،وَ أَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ مُحَمَّدٍ وَ عَقْدِهِ فَعَلَ،وَ أَنَّ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ وَ عَقْدِهَا فَعَلَ،وَ أَنَّهُ مَنْ أَتَى مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ وَلِيِّهِ يَرُدُّهُ إِلَيْهِ،وَ أَنَّهُ مَنْ أَتَى قُرَيْشاً مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ لَمْ يَرُدُّوهُ إِلَيْهِ،وَ أَنْ يَكُونَ الْإِسْلاَمُ ظَاهِراً بِمَكَّةَ،لاَ يُكْرَهُ أَحَدٌ عَلَى دِينِهِ،وَ لاَ يُؤْذَى وَ لاَ يُعَيَّرُ،وَ أَنَّ مُحَمَّداً يَرْجِعُ عَنْهُمْ عَامَّةَ هَذَا وَ أَصْحَابَهُ،ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْنَا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ مَكَّةَ،فَيُقِيمُ فِيهَا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ،وَ لاَ يَدْخُلْ عَلَيْنَا بِسِلاَحٍ إِلاَّ سِلاَحَ الْمُسَافِرِ، السُّيُوفَ فِي الْقِرَبِ،وَ كَتَبَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ،وَ شَهِدَ عَلَى الْكِتَابِ الْمُهَاجِرُونَ وَ الْأَنْصَارُ.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):يَا عَلِيُّ،إِنَّكَ أَبَيْتَ أَنْ تَمْحُوَ اسْمِي مِنَ النُّبُوَّةِ،فَوَ الَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيّاً،


[1] الأنفال 8:9.

[2] آل عمران 3:153.

[3] المكتب:قطعة من الأثاث يجلس عليها للكتابة.

اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم    الجزء : 5  صفحة : 81
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست