قَالَ:«يَا أَبَا خَالِدٍ،كَيْفَ رَأَيْتَ طَعَامَكَ،-أَوْ قَالَ-طَعَامَنَا؟»قُلْتُ:جُعِلْتُ فِدَاكَ،مَا أَكَلْتُ طَعَاماً أَطْيَبَ مِنْهُ قَطُّ وَ لاَ أَنْظَفَ،وَ لَكِنْ [1]ذَكَرْتُ الْآيَةَ الَّتِي فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ،فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«لاَ،إِنَّمَا يَسْأَلُكُمْ عَمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ».
99-/11871 _10- ابْنُ بَابَوَيْهِ،قَالَ:حَدَّثَنَا الْحَاكِمُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ الْبَيْهَقِيُّ،قَالَ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الصَّوْلِيُّ،قَالَ:حَدَّثَنَا أَبُو ذَكْوَانَ الْقَاسِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بِسُرَّ مَنْ رَأَى [2]سَنَةَ خَمْسٍ وَ ثَمَانِينَ وَ مِائَتَيْنِ،قَالَ:
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَبَّاسِ الصَّوْلِيُّ الْكَاتِبُ بِالْأَهْوَازِ سَنَةَ سَبْعٍ وَ عِشْرِينَ وَ مِائَتَيْنِ،قَالَ: كُنَّا يَوْماً بَيْنَ يَدَيْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَقَالَ:«لَيْسَ فِي الدُّنْيَا نَعِيمٌ حَقِيقِيٌّ».فَقَالَ[لَهُ]بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِمَّنْ بِحَضْرَتِهِ:قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ أَمَّا هَذَا النَّعِيمُ فِي الدُّنْيَا وَ هُوَ الْمَاءُ الْبَارِدُ؟فَقَالَ لَهُ الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)- وَ عَلاَ صَوْتُهُ-:«كَذَا فَسَّرْتُمُوهُ أَنْتُمْ،وَ جَعَلْتُمُوهُ عَلَى ضُرُوبٍ؛فَقَالَتْ طَائِفَةٌ:هُوَ الْمَاءُ الْبَارِدُ،وَ قَالَ غَيْرُهُمْ:هُوَ الطَّعَامُ الطَّيِّبُ،وَ قَالَ آخَرُونَ:هُوَ النَّوْمُ الطَّيِّبُ.
وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي أَبِي،عَنْ أَبِيهِ،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):أَنَّ أَقْوَالَكُمْ هَذِهِ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ،فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى:
ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ فَغَضِبَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،وَ قَالَ:إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لاَ يَسْأَلُ عِبَادَهُ عَمَّا تَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِهِ، وَ لاَ يَمُنُّ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ،وَ الاِمْتِنَانُ مُسْتَقْبَحٌ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ،فَكَيْفَ يُضَافُ إِلَى الْخَالِقِ عَزَّ وَ جَلَّ مَا لاَ يَرْضَى بِهِ لِلْمَخْلُوقِينَ [3]؟!وَ لَكِنَّ النَّعِيمَ حُبُّنَا أَهْلَ الْبَيْتِ وَ مُوَالاَتُنَا،يَسْأَلُ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ التَّوْحِيدِ وَ النُّبُوَّةِ،لِأَنَّ الْعَبْدَ إِذَا وَفَى بِذَلِكَ أَدَّاهُ إِلَى نَعِيمِ الْجَنَّةِ الَّذِي لاَ يَزُولُ،وَ لَقَدْ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ أَبِي،عَنْ أَبِيهِ،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ،عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ،عَنْ أَبِيهِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ،عَنْ أَبِيهِ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)،أَنَّهُ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):يَا عَلِيُّ،إِنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ بَعْدَ مَوْتِهِ شَهَادَةُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ،وَ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُولُ اللَّهِ،وَ أَنَّكَ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ،بِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ وَ جَعَلْتُهُ لَكَ،فَمَنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَ كَانَ يَعْتَقِدُهُ صَارَ إِلَى النَّعِيمِ الَّذِي لاَ زَوَالَ لَهُ».
فَقَالَ لِي أَبُو ذَكْوَانَ؛بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِي بِهَذَا الْحَدِيثِ مُبْتَدِءاً مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ:حَدَّثْتُكَ بِهِ بِجِهَاتٍ،مِنْهَا:لِقَصْدِكَ لِي مِنَ الْبَصْرَةِ،وَ مِنْهَا:أَنَّ عَمَّكَ أَفَادَنِيهِ،وَ مِنْهَا:أَنِّي كُنْتُ مَشْغُولاً بِاللُّغَةِ وَ الْأَشْعَارِ وَ لاَ أُعَوِّلُ عَلَى غَيْرِهِمَا،فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)فِي النَّوْمِ وَ النَّاسُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَ يُجِيبُهُمْ،فَسَلَّمْتُ فَمَا رَدَّ عَلَيَّ،فَقُلْتُ:أَنَا مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ.فَقَالَ لِي:بَلَى،وَ لَكِنْ حَدِّثِ النَّاسَ بِحَدِيثِ النَّعِيمِ الَّذِي سَمِعْتَهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ.
قَالَ الصَّوْلِيُّ:وَ هَذَا حَدِيثٌ قَدْ رَوَاهُ النَّاسُ عَنِ النَّبِيِّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ النَّعِيمِ،وَ الْآيَةِ وَ تَفْسِيرُهَا إِنَّمَا رَوَوْا أَنَّ أَوَّلَ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛الشَّهَادَةُ وَ النُّبُوَّةُ وَ مُوَالاَةُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ).
[1] في المصدر:فداك ما رأيت أطيب منه و لا أنظف قط و لكني.
[2] في المصدر:بسيراف.
[3] في المصدر:يرضى المخلوق به.