رَسُولِهِ فِي كِتَابِهِ،فَقَالَ: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [1].
ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ،وَ مِمَّنْ هِيَ،وَ أَنَّهَا مِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ مِنْ سُكَّانِ الْحَرَمِ،مِمَّنْ لَمْ يَعْبُدُوا غَيْرَ اللَّهِ قَطُّ،الَّذِينَ وَجَبَتْ لَهُمْ الدَّعْوَةُ،دَعْوَةُ [2]إِبْرَاهِيمَ وَ إِسْمَاعِيلُ مِنْ أَهْلِ الْمَسْجِدِ،الَّذِينَ أَخْبَرَ عَنْهُمْ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ أَذْهَبَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَ طَهَّرَهُمْ تَطْهِيراً،الَّذِينَ وَصَفْنَاهُمْ قَبْلَ هَذَا فِي صِفَةِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ) [3]، الَّذِينَ عَنَاهُمْ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: أَدْعُوا إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي [4]،يَعْنِي أَوَّلَ مَنْ اتَّبَعَهُ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ وَ التَّصْدِيقِ لَهُ وَ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ،مِنَ الْأُمَّةِ الَّتِي بُعِثَ فِيهَا وَ مِنْهَا وَ إِلَيْهَا قَبْلَ الْخَلْقِ مِمَّنْ لَمْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ قَطُّ،وَ لَمْ يَلْبِسْ إِيمَانَهُ بِظُلْمٍ وَ هُوَ الشِّرْكُ.
ثُمَّ ذَكَرَ أَتْبَاعَ نَبِيِّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)وَ أَتْبَاعَ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي وَصَفَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ بِالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ،وَ جَعَلَهَا دَاعِيَةً إِلَيْهِ،وَ أَذِنَ لَهُ [5]فِي الدُّعَاءِ إِلَيْهِ،فَقَالَ: يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّٰهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [6]،ثُمَّ وَصَفَ أَتْبَاعَ نَبِيِّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)مِنَ الْمُؤْمِنِينَ،فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللّٰهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدّٰاءُ عَلَى الْكُفّٰارِ رُحَمٰاءُ بَيْنَهُمْ تَرٰاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللّٰهِ وَ رِضْوٰاناً سِيمٰاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرٰاةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ [7]،وَ قَالَ: يَوْمَ لاٰ يُخْزِي اللّٰهُ النَّبِيَّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمٰانِهِمْ ،يَعْنِي أُولَئِكَ الْمُؤْمِنِينَ،وَ قَدْ قَالَ: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [8].
ثُمَّ حَلاَّهُمْ وَ وَصَفَهُمْ كَيْ لاَ يَطْمَعَ فِي الْإِلْحَاقِ [9]بِهِمْ إِلاَّ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ،فَقَالَ فِيمَا حَلاَّهُمْ بِهِ وَ وَصَفَهُمْ:
اَلَّذِينَ هُمْ فِي صَلاٰتِهِمْ خٰاشِعُونَ* وَ الَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ [10] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أُولٰئِكَ هُمُ الْوٰارِثُونَ* اَلَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهٰا خٰالِدُونَ ،وَ قَالَ فِي صِفَتِهِمْ وَ حِلْيَتِهِمْ أَيْضاً: اَلَّذِينَ لاٰ يَدْعُونَ مَعَ اللّٰهِ إِلٰهاً آخَرَ وَ لاٰ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّٰهُ إِلاّٰ بِالْحَقِّ وَ لاٰ يَزْنُونَ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثٰاماً* يُضٰاعَفْ لَهُ الْعَذٰابُ يَوْمَ الْقِيٰامَةِ وَ يَخْلُدْ فِيهِ مُهٰاناً [11]».
[1] آل عمران 3:104.
[2] في«ط،ي»:و دعوة.
[3] في المصدر:أمّة إبراهيم(عليه السّلام)
[4] يوسف 12:108.
[5] في المصدر:لها.
[6] الأنفال 8:64.
[7] الفتح 48:29.
[8] المؤمنون 23:1.
[9] في المصدر:اللّحاق.
[10] المؤمنون 23:2-11.
[11] الفرقان 25:68،69.