وَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)إِذَا ظَهَرَ بِمُقَدَّمِ بُيُوتِهِمْ حَصَّنُوا مَا يَلِيهِمْ وَ خَرَّبُوا مَا يَلِيهِ،وَ كَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ مِمَّنْ كَانَ لَهُ بَيْتٌ حَسَنٌ خَرَّبَهُ،وَ قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)أَمَرَ بِقَطْعِ نَخْلِهِمْ فَجَزِعُوا مِنْ ذَلِكَ،فَقَالُوا:يَا مُحَمَّدُ،إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ بِالْفَسَادِ؟إِنْ كَانَ لَكَ هَذَا فَخُذُوهُ،وَ إِنْ كَانَ لَنَا فَلاَ تَقْطَعْهُ؛فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا:يَا مُحَمَّدُ،نَخْرُجُ مِنْ بِلاَدِكَ فَأَعْطِنَا مَالَنَا.فَقَالَ:«لاَ،وَ لَكِنْ تَخْرُجُونَ[وَ لَكُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ»فَلَمْ يَقْبَلُوا ذَلِكَ فَبَقُوا أَيَّاماً،ثُمَّ قَالُوا:نَخْرُجُ وَ لَنَا مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ.قَالَ:«لاَ وَ لَكِنْ تَخْرُجُونَ]وَ لاَ يَحْمِلُ أَحَدٌ مِنْكُمْ شَيْئاً،فَمَنْ وَجَدْنَا مَعَهُ شَيْئاً قَتَلْنَاهُ».
فَخَرَجُوا عَلَى ذَلِكَ،وَ وَقَعَ قَوْمٌ مِنْهُمْ إِلَى فَدَكَ وَ وَادِي الْقُرَى،وَ خَرَجَ مِنْهُمْ قَوْمٌ إِلَى الشَّامِ،فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ:
هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتٰابِ مِنْ دِيٰارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مٰا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مٰانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللّٰهِ فَأَتٰاهُمُ اللّٰهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى وَ مَنْ يُشَاقِّ اللّٰهَ فَإِنَّ اللّٰهَ شَدِيدُ الْعِقٰابِ وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِيمَا عَابُوهُ مَنْ قَطْعِ النَّخْلِ: مٰا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهٰا قٰائِمَةً عَلىٰ أُصُولِهٰا فَبِإِذْنِ اللّٰهِ وَ لِيُخْزِيَ الْفٰاسِقِينَ إِلَى قَوْلِهِ: رَبَّنٰا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [1].
وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَ أَصْحَابِهِ: أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نٰافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوٰانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتٰابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَ لاٰ نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَ إِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَ اللّٰهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكٰاذِبُونَ إِلَى قَوْلِهِ لاٰ يُنْصَرُونَ [2]ثُمَّ قَالَ: كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يَعْنِي بَنِي قَيْنُقَاعَ قَرِيباً ذٰاقُوا وَبٰالَ أَمْرِهِمْ وَ لَهُمْ عَذٰابٌ أَلِيمٌ [3]،ثُمَّ ضَرَبَ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَ بَنِي النَّضِيرِ مَثَلاً،فَقَالَ: كَمَثَلِ الشَّيْطٰانِ إِذْ قٰالَ لِلْإِنْسٰانِ اكْفُرْ فَلَمّٰا كَفَرَ قٰالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخٰافُ اللّٰهَ رَبَّ الْعٰالَمِينَ* فَكٰانَ عٰاقِبَتَهُمٰا أَنَّهُمٰا فِي النّٰارِ خٰالِدَيْنِ فِيهٰا وَ ذٰلِكَ جَزٰاءُ الظّٰالِمِينَ [4].
99-/10602 _2- ثُمَّ قَالَ:فِيهِ زِيَادَةٌ أَحْرُفٍ لَمْ تَكُنْ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ [5]،قَالَ:حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ابْنِ ثَابِتٍ،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مِيثَمٍ،عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ،عَنْ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ،عَنْ أَبِي بَصِيرٍ-فِي غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ-وَ زَادَ فِيهِ:فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)لِلْأَنْصَارِ: «إِنْ شِئْتُمْ دَفَعْتُ إِلَيْكُمْ فِي الْمُهَاجِرِينَ،وَ إِنْ شِئْتُمْ قَسَمْتُهَا بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ وَ تَرَكْتُهُمْ مَعَكُمْ».قَالُوا:قَدْ شِئْنَا أَنْ تَقْسِمَهَا فِيهِمْ.فَقَسَمَهَا رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ دَفَعَهُمْ عَنِ الْأَنْصَارِ،وَ لَمْ يُعْطِ مِنَ الْأَنْصَارِ إِلاَّ رَجُلَيْنِ وَ هُمَا:سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ وَ أَبُو دُجَانَةَ فَإِنَّهُمَا ذَكَرَا حَاجَةً.
[1] الحشر 59:5-10.
[2] الحشر 59:11،12.
[3] الحشر 59:15.
[4] الحشر 59:16،17.
[5] لعلّ القائل بذلك هو راوي الكتاب.