وُلْدِ آدَمَ،خَلَقَهُمْ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ،فَأَسْكَنَهُمْ فِيهَا وَاحِداً بَعْدَ وَاحِدٍ مَعَ عَالَمِهِ،ثُمَّ خَلَقَ عَزَّ وَ جَلَّ آدَمَ أَبَا هَذَا الْبَشَرِ وَ خَلَقَ ذُرِّيَّتَهُ مِنْهُ،لاَ وَ اللَّهِ مَا خَلَتِ الْجَنَّةُ مِنْ أَرْوَاحِ الْمُؤْمِنِينَ مُنْذُ خَلَقَهَا،وَ لاَ خَلَتِ النَّارُ مِنْ أَرْوَاحِ الْكُفَّارِ الْعُصَاةِ [1]مُنْذُ خَلَقَهَا عَزَّ وَ جَلَّ،لَعَلَّكُمْ تَرَوْنَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ،وَ صَيَّرَ[اللَّهُ]أَبْدَانَ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَعَ أَرْوَاحِهِمْ فِي الْجَنَّةِ، وَ صَيَّرَ أَبْدَانَ أَهْلِ النَّارِ مَعَ أَرْوَاحِهِمْ فِي النَّارِ،أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى لاَ يُعْبَدَ فِي بِلاَدِهِ،وَ لاَ يَخْلُقُ خَلْقاً يَعْبُدُونَهُ وَ يُوَحِّدُونَهُ[وَ يُعَظِّمُونَهُ]،بَلَى وَ اللَّهِ لَيَخْلُقَنَّ اللَّهُ خَلْقاً مِنْ غَيْرِ فُحُولَةٍ وَ لاَ إِنَاثٍ يَعْبُدُونَهُ وَ يُوَحِّدُونَهُ وَ يُعَظِّمُونَهُ، وَ يَخْلُقُ لَهُمْ أَرْضاً تَحْمِلُهُمْ،وَ سَمَاءً تُظِلُّهُمْ،أَ لَيْسَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّمٰاوٰاتُ [2]،وَ قَالَ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَعَيِينٰا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ ».
99-/10039 _2- وَ عَنْهُ:عَنْ أَبِيهِ،قَالَ:حَدَّثَنَا سَعْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ،قَالَ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى،عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ،عَنْ عَمْرِو بْنِ شِمْرٍ،عَنْ جَابِرِ بْنِ يَزِيدَ،قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَ جَلَّ: أَ فَعَيِينٰا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ .
قَالَ:«يَا جَابِرُ،تَأْوِيلُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَفْنَى هَذَا الْخَلْقَ وَ هَذَا الْعَالَمَ،وَ سَكَنَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ وَ أَهْلُ النَّارِ النَّارَ،جَدَّدَ اللَّهُ عَالَماً غَيْرَ هَذَا الْعَالَمِ،وَ جَدَّدَ خَلْقاً مِنْ غَيْرِ فُحُولَةٍ وَ لاَ إِنَاثٍ يَعْبُدُونَهُ وَ يُوَحِّدُونَهُ،وَ خَلَقَ لَهُمْ أَرْضاً غَيْرَ هَذِهِ الْأَرْضِ تَحْمِلُهُمْ،وَ سَمَاءً غَيْرَ هَذِهِ السَّمَاءِ تُظِلُّهُمْ،لَعَلَّكَ تَرَى[أَنَّ اللَّهَ]إِنَّمَا خَلَقَ هَذَا الْعَالَمَ الْوَاحِدَ،وَ تَرَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ بَشَراً غَيْرَكُمْ،بَلَى وَ اللَّهِ،لَقَدْ خَلَقَ أَلْفَ أَلْفِ عَالَمٍ،وَ أَلْفَ أَلْفِ آدَمٍ،أَنْتَ فِي آخِرِ تِلْكَ الْعَوَالِمِ وَ أُولَئِكَ الْآدَمِيِّينَ».
قوله تعالى:
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ وَ نَعْلَمُ مٰا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [16]
99-/10040 _1- شَرَفُ الدِّينِ النَّجَفِيُّ،قَالَ:تَأْوِيلُهُ جَاءَ فِي تَفْسِيرِ أَهْلِ الْبَيْتِ(عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ)،وَ هُوَ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ ابْنِ جُمْهُورٍ،عَنْ فَضَالَةَ،عَنْ أَبَانٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ،عَنْ مُيَسِّرٍ،عَنْ بَعْضِ آلِ مُحَمَّدٍ(صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ) ،فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسٰانَ وَ نَعْلَمُ مٰا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ .
[1] في المصدر:و العصاة.
[2] إبراهيم 14:48.