ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ،وَ قَالَ:اِنْصَرِفُوا-يَرْحَمُكُمُ اللَّهِ-فَوَ اللَّهِ إِنْ رَفَعَ أَحَدُهُمْ عَلَيْكُمْ سَيْفاً أَوْ طَرَفاً لَأُلْحِقَنَّ آخِرَهُمْ بِأَوَّلِهِمْ.فَنَكَسُوا رُءُوسَهُمْ جَمِيعاً،ثُمَّ قَالَ:وَ اللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلَ أَخَوَايَ مُوسَى وَ هَارُونُ،إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقٰاتِلاٰ إِنّٰا هٰاهُنٰا قٰاعِدُونَ [1]وَ اللَّهِ لاَ أَدْخُلَنَّهُ إِلاَّ لِزِيَارَةِ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)أَوْ لِقَضِيَّةٍ أَقْضِيهَا،فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ لِحُجَّةِ اللَّهِ وَ وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)أَنْ يَتْرُكَ مَنْ يَسْتَرْشِدُهُ.ثُمَّ رَفَعَ رِجْلَهُ عَنْ صَدْرِ عُمَرَ وَ رَكَلَهُ،وَ قَالَ لَهُ:اِذْهَبْ،فَإِنَّ لِلَّهِ فِيكَ أَمْراً هُوَ بَالِغُهُ».
قَالَ أَبَانٌ:قَالَ الصَّادِقُ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ(عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ):«فَمَا دَخَلَهُ إِلاَّ كَمَا قَالَ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،ثُمَّ خَرَجَ وَ أَصْحَابَهُ وَ دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ وَ جَمَعَهُ،ثُمَّ ارْتَقَى الْمِنْبَرَ دُونَ مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)بِدَرَجَةٍ،ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَ أَثْنَى عَلَيْهِ،وَ ذَكَرَ النَّبِيَّ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،فَقَالَ فِي الْجَمَاعَةِ رَجُلٌ:كَيْفَ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَ قَدْ خَالَفَ أَمْرَهُ الَّذِي جَاءَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى!ثُمَّ بَدَأَ أَبُو بَكْرٍ بِنَفْسِهِ،فَسَاعَةٌ مَا ذَكَرَ نَفْسَهُ انْتَقَضَ [2] عَلَيْهِ عَقِبُهُ [3] الَّذِي لَدَغَهُ فِيهِ الْحَرِيشُ،فَقَصَّرَ قَامَتَهُ،وَ أَسْبَلَ ثَوْبَهُ عَلَى عَقِبِهِ،وَ أَوْجَزَ فِي كَلاَمِهِ،وَ نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ،وَ أَسْرَعَ إِلَى مَنْزِلِهِ يَسْتَقِيمُ حَالَهُ،فَتَبِعَهُ أَبُو ذَرٍّ مُسْرِعاً،فَلَمَّا دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ مَنْزِلَهُ هَجَمَ عَلَيْهِ،وَ دَخَلَ خَلْفَهُ،ثُمَّ قَالَ لَهُ:يَا أَبَا بَكْرٍ،بِاللَّهِ عَلَيْكَ هَلِ انْتَقَضَ عَلَيْكَ عَقِبُكَ الَّذِي ضَرَبَكَ فِيهِ الْحَرِيشُ فِي الْغَارِ،وَ قَالَ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ):وَيْلَكَ،لاَ تَحْزَنْ.فَقُلْتَ:أَخَافُ الْمَوْتَ؟فَقَالَ:لاَ تَمُوتُ،إِنَّمَا يَنْتَقِضُ عَلَيْكَ سَاعَةً تَنْقُضُ عَهْدِي وَ تَظْلِمُ وَصِيِّي؟ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ:مِنْ أَيْنَ لَكَ ذَلِكَ،وَ مَا كُنْتَ مَعَنَا فِي الْغَارِ؟ فَقَالَ:إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)قَالَ:اِذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ،فَإِنَّهُ يَبْلُغُ إِلَى دَارِهِ فَيَنْتَقِضُ عَلَيْهِ عَقِبُهُ الَّذِي لَدَغَهُ فِيهِ الْحَرِيشُ.فَأَتَيْتُكَ كَمَا أَخْبَرَنِي الْمَظْلُومُ الصَّادِقُ،ثُمَّ دَخَلَ عُمَرُ وَ خَرَجَ أَبُو ذَرٍّ مُسْرِعاً».
قال في القاموس:الحريش:دويبة قدر الإصبع بأرجل كثير [4]ة.
99-/4550 _8- ابْنُ طَاوُسٍ فِي(طَرَائِفِهِ)،قَالَ:وَ مِنْ طَرِيقِ الْعَامَّةِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو هَاشِمِ بْنُ الصَّبَّاغِ فِي كِتَابِ(النُّورِ وَ الْبُرْهَانِ)يَرْفَعُهُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ،قَالَ:قَالَ حَسَّانُ: قَدِمْتُ مَكَّةَ مُعْتَمِراً وَ أُنَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ يَقْذِفُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،فَقَالَ مَا هَذَا لَفْظُهُ:فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)عَلِيّاً(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهِ،وَ خَشِيَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَدُلَّهُمْ عَلَيْهِ،فَأَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى الْغَارِ.
99-/4551 _9- الْمُفِيدُ فِي(الْإِخْتِصَاصِ):عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيِّ،عَنْ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الثَّقَفِيِّ،عَنْ يَحْيَى ابْنِ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ،عَنْ يَحْيَى بْنِ مُسَاوِرٍ،عَنْ أَبِي الْجَارُودِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْجَارُودِ،عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ: «لَمَّا
[1] المائدة 5:24.
[2] انتقض الجرح بعد بريه:أي نكس.«أقرب الموارد-نقض-2:1337».
[3] عقب كلّ شيء:آخره.«لسان العرب-عقب-1:611».
[4] القاموس المحيط-حرش-2:278.