اسم الکتاب : البرهان في تفسير القرآن المؤلف : البحراني، السيد هاشم الجزء : 2 صفحة : 633
و أيوب(صلوات اللّه عليهما)و بلعم بن باعورا كانوا من ولد رهط آمنوا لإبراهيم يوم أحرق فنجا،و هاجروا معه إلى الشام، فزوجهم بنات لوط،فكل نبي كان قبل بني إسرائيل و بعد إبراهيم(صلوات اللّه عليه)من نسل أولئك الرهط،فبعث اللّه شعيبا إلى أهل مدين،و لم يكونوا فصيلة شعيب و لا قبيلته التي كان منها،و لكنهم كانوا امة من الأمم بعث إليهم شعيب(صلوات اللّه عليه)،و كان عليهم ملك جبار،لا يطيقه أحد من ملوك عصره،و كانوا ينقصون المكيال و الميزان، و يبخسون الناس أشياءهم،مع كفرهم بالله و تكذيبهم لنبيه و عتوهم،و كانوا يستفون إذا اكتالوا لأنفسهم أو وزنوا لها،فكانوا في سعة من العيش،فأمرهم الملك باحتكار الطعام و نقص مكاييلهم و موازينهم،و وعظهم شعيب فأرسل إليه الملك:ما تقول فيما صنعت؟أراض أم أنت ساخط؟ فقال شعيب:أوحى اللّه تعالى إلي أن الملك إذا صنع مثل ما صنعت يقال له ملك فاجر.فكذبه الملك و أخرجه و قومه من مدينته،قال اللّه تعالى حكاية عنهم: لَنُخْرِجَنَّكَ يٰا شُعَيْبُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنٰا .
فزادهم شعيب في الوعظ،فقالوا:يا شعيب: أَ صَلاٰتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مٰا يَعْبُدُ آبٰاؤُنٰا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوٰالِنٰا مٰا نَشٰؤُا [1]فآذوه بالنفي من بلادهم،فسلط اللّه عليهم الحرّ و الغيم حتّى أنضجهم،فلبثوا فيه تسعة أيام، و صار ماؤهم حميما لا يستطيعون شربه،فانطلقوا إلى غيضة لهم،و هو قوله تعالى: وَ أَصْحٰابُ الْأَيْكَةِ فرفع اللّه لهم سحابة سوداء،فاجتمعوا في ظلها،فأرسل اللّه عليهم نارا منها فأحرقتهم،فلم ينج منهم أحد،و ذلك قوله تعالى: فَأَخَذَهُمْ عَذٰابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ [2].
و إن رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله)إذا ذكر عنده شعيب قال:«ذلك خطيب الأنبياء يوم القيامة».فلما أصاب قومه ما أصابهم لحق شعيب و الذين آمنوا معه بمكّة،فلم يزالوا بها حتّى ماتوا.