انْتِقَامِهِ وَ شَدِيدِ بَأْسِهِ حَذَّرُوهُمْ،فَأَجَابُوهُمْ عَنْ وَعْظِهِمْ: لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّٰهُ مُهْلِكُهُمْ بِذُنُوبِهِمْ هَلاَكَ الاِصْطِلاَمِ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذٰاباً شَدِيداً فَأَجَابُوا الْقَائِلِينَ لَهُمْ هَذَا، مَعْذِرَةً إِلىٰ رَبِّكُمْ إِذْ كَلَّفَنَا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ،فَنَحْنُ نَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ لِيَعْلَمَ رَبُّنَا مُخَالَفَتَنَا لَهُمْ وَ كَرَاهَتَنَا لِفِعْلِهِمْ.قَالُوا: وَ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ وَ نَعِظُهُمْ أَيْضاً لَعَلَّهُمْ تَنْجَعُ [1] فِيهِمُ الْمَوَاعِظُ،فَيَتَّقُوا هَذِهِ الْمُوبِقَةَ،وَ يَحْذَرُوا عَنْ عُقُوبَتِهَا،قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَلَمّٰا عَتَوْا عَنْ مٰا نُهُوا عَنْهُ حَادُوا وَ أَعْرَضُوا وَ تَكَبَّرُوا عَنْ قَبُولِهِمُ الزَّجْرَ قُلْنٰا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خٰاسِئِينَ مُبْعَدِينَ عَنِ الْخَيْرِ مُقْصَيْنَ.
قَالَ:فَلَمَّا نَظَرَ الْعَشَرَةُ آلاَفٍ وَ النَّيِّفُ أَنَّ السَّبْعِينَ أَلْفاً لاَ يَقْبَلُونَ مَوَاعِظَهُمْ،وَ لاَ يَحْفِلُونَ بِتَخْوِيفِهِمْ إِيَّاهُمْ وَ تَحْذِيرِهِمْ لَهُمْ،اعْتَزَلُوهُمْ إِلَى قَرْيَةٍ أُخْرَى قَرِيبَةٍ مِنْ قَرْيَتِهِمْ،وَ قَالُوا:نَكْرَهُ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ عَذَابُ اللَّهِ وَ نَحْنُ فِي خِلاَلِهِمْ.
فَأَمْسَوْا لَيْلَةً،فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّهُمْ قِرَدَةً،وَ بَقِيَ بَابُ الْمَدِينَةِ مُغْلَقاً لاَ يَخْرُجُ مِنْهُ أَحَدٌ وَ لاَ يَدْخُلُهُ أَحَدٌ وَ تَسَامَعَ بِذَلِكَ أَهْلُ الْقُرَى وَ قَصَدُوهُمْ،وَ تَسَنَّمُوا حِيطَانَ الْبَلَدِ،فَاطَّلَعُوا عَلَيْهِمْ،فَإِذَا هُمْ كُلُّهُمْ رِجَالُهُمْ وَ نِسَاؤُهُمْ قِرَدَةٌ،يَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ،يَعْرِفُ هَؤُلاَءِ النَّاظِرُونَ مَعَارِفَهُمْ وَ قَرَابَاتِهِمْ وَ خُلَطَاءَهُمْ،يَقُولُ الْمُطَّلِعُ لِبَعْضِهِمْ:أَنْتَ فُلاَنٌ،أَنْتَ فُلاَنَةُ؟فَتَدْمَعُ عَيْنُهُ وَ يُؤْمِئُ بِرَأْسِهِ أَنْ [2] نَعَمْ.فَمَا زَالُوا كَذَلِكَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ،ثُمَّ بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِمْ مَطَراً وَ رِيحاً فَجَرَفَهُمْ إِلَى الْبَحْرِ،وَ مَا بَقِيَ مَسْخٌ بَعْدَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ،وَ إِنَّمَا الَّذِينَ تَرَوْنَ مِنْ هَذِهِ الْمُصَوَّرَاتِ بِصُوَرِهَا فَإِنَّمَا هِيَ أشباحها [أَشْبَاهُهَا] ،لاَ هِيَ بِأَعْيَانِهَا،وَ لاَ مِنْ نَسْلِهَا.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَخَ هَؤُلاَءِ لاِصْطِيَادِ السَّمَكِ،فَكَيْفَ تَرَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَكُونُ حَالُ مَنْ قَتَلَ أَوْلاَدَ رَسُولِ اللَّهِ(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ)،وَ هَتَكَ حَرِيمَهُ!إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَ إِنْ لَمْ يَمْسَخْهُمْ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الْمُعَدَّ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ أَضْعَافُ هَذَا [3] الْمَسْخِ».
99-/4026 _4- ابْنُ بَابَوَيْهِ،قَالَ:حَدَّثَنَا أَبِي(رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ)،قَالَ:حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْعَطَّارُ،عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ، قَالَ:حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ،عَنْ طَلْحَةَ الشَّامِيِّ،عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ) ،فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: فَلَمّٰا نَسُوا مٰا ذُكِّرُوا بِهِ ،قَالَ:كَانُوا ثَلاَثَةَ أَصْنَافٍ:صِنْفٌ ائْتَمَرُوا وَ أَمَرُوا[فَنَجَوْا]،وَ صِنْفٌ ائْتَمَرُوا وَ لَمْ يَأْمُرُوا[فَمُسِخُوا ذَرّاً]،وَ صِنْفٌ لَمْ يَأْتَمِرُوا وَ لَمْ يَأْمُرُوا فَهَلَكُوا».
99-/4027 _5- مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ:بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ،عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ،عَنْ طَلْحَةَ بْنِ زَيْدٍ [4]،عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمّٰا نَسُوا مٰا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ ،
[1] نجع فيه الخطاب:أر.«الصحاح-نجع-3:1288».
[2] في المصدر:بلا أو.
[3] في المصدر:أضعاف عذاب.
[4] في«س»و«ط»:طلحة بن يزيد،و هو تصحيف،راجع معجم رجال الحديث 9:163-167.