الطَّائِفَةُ الَّتِي وَعَظَتْهُمْ:لاَ وَ اللَّهِ،لاَ نُجَامِعُكُمْ وَ لاَ نُبَايِتُكُمُ اللَّيْلَةَ فِي مَدِينَتِكُمْ هَذِهِ الَّتِي عَصَيْتُمُ اللَّهَ فِيهَا،مَخَافَةَ أَنْ يَنْزِلَ عَلَيْكُمُ [1] الْبَلاَءُ فَيَعُمَّنَا مَعَكُمْ».
قَالَ:«فَخَرَجُوا عَنْهُمْ مِنَ الْمَدِينَةِ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَهُمُ الْبَلاَءُ،فَنَزَلُوا قَرِيباً مِنَ الْمَدِينَةِ،فَبَاتُوا تَحْتَ السَّمَاءِ،فَلَمَّا أَصْبَحَ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الْمُطِيعُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ غَدَوْا لِيَنْظُرُوا مَا حَالُ أَهْلِ الْمَعْصِيَةِ،فَأَتَوْا بَابَ الْمَدِينَةِ فَإِذَا هُوَ مُصْمَتٌ،فَدَقُّوهُ فَلَمْ يُجَابُوا،وَ لَمْ يَسْمَعُوا مِنْهَا حِسَّ أَحَدٍ [2]،فَوَضَعُوا سُلَّماً عَلَى سُورِ الْمَدِينَةِ،ثُمَّ أَصْعَدُوا رَجُلاً مِنْهُمْ،فَأَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ،فَنَظَرَ فَإِذَا هُوَ بِالْقَوْمِ قِرَدَةً يَتَعَاوَوْنَ،[فَقَالَ الرَّجُلُ لِأَصْحَابِهِ:يَا قَوْمِ،أَرَى وَ اللَّهِ عَجَباً!قَالُوا:وَ مَا تَرَى؟ قَالَ:أَرَى الْقَوْمَ قَدْ صَارُوا قِرَدَةً يَتَعَاوَوْنَ]وَ لَهَا أَذْنَابٌ،فَكَسَرُوا الْبَابَ،فَعَرَفَتِ الطَّائِفَةُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ،وَ لَمْ تَعْرِفِ الْإِنْسُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْقِرَدَةِ،فَقَالَ الْقَوْمُ لِلْقِرَدَةِ:أَ لَمْ نَنْهَكُمْ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):وَ الَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَ بَرَأَ النَّسَمَةَ،إِنِّي لَأَعْرِفُ أَنْسَابَهَا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ،لاَ يُنْكِرُونَ وَ لاَ يُغَيِّرُونَ،بَلْ تَرَكُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فَتَفَرَّقُوا،وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ: فَبُعْداً لِلْقَوْمِ الظّٰالِمِينَ [3]فَقَالَ اللَّهُ: أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَ أَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذٰابٍ بَئِيسٍ بِمٰا كٰانُوا يَفْسُقُونَ ».
99-/4025 _3- الْإِمَامُ الْعَسْكَرِيُّ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)،قَالَ:«قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ): كَانَ هَؤُلاَءِ قَوْمٌ يَسْكُنُونَ عَلَى شَاطِئِ بَحْرٍ نَهَاهُمُ اللَّهُ وَ أَنْبِيَاؤُهُ عَنِ اصْطِيَادِ السَّمَكِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ،فَتَوَصَّلُوا إِلَى حِيلَةٍ لِيُحِلُّوا بِهَا لِأَنْفُسِهِمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ،فَخَدُّوا أَخَادِيدَ،وَ عَمِلُوا طُرُقاً تُؤَدِّي إِلَى حِيَاضٍ يَتَهَيَّأُ لِلْحِيتَانِ الدُّخُولُ[فِيهَا]مِنْ تِلْكَ الطُّرُقِ،وَ لاَ يَتَهَيَّأُ لَهَا الْخُرُوجُ إِذَا هَمَّتْ بِالرُّجُوعِ.
فَجَاءَتِ الْحِيتَانُ يَوْمَ السَّبْتِ جَارِيَةً عَلَى أَمَانِ اللَّهِ لَهَا،فَدَخَلَتِ الْأَخَادِيدَ،وَ حَصَلَتْ فِي الْحِيَاضِ وَ الْغُدْرَانِ، فَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ الْيَوْمِ هَمَّتْ بِالرُّجُوعِ مِنْهَا إِلَى اللُّجَجِ لِتَأْمَنَ صَائِدَهَا،فَرَامَتِ الرُّجُوعَ فَلَمْ تَقْدِرْ،وَ بَقِيَتْ لَيْلَتَهَا فِي مَكَانٍ يَتَهَيَّأُ أَخْذُهَا بِلاَ اصْطِيَادٍ،لاِسْتِرْسَالِهَا فِيهِ،وَ عَجْزِهَا عَنِ الاِمْتِنَاعِ،لِمَنْعِ الْمَكَانِ لَهَا،فَكَانُوا يَأْخُذُونَهَا يَوْمَ الْأَحَدِ،وَ يَقُولُونَ:مَا اصْطَدْنَا فِي يَوْمِ السَّبْتِ،وَ إِنَّمَا اصْطَدْنَا فِي الْأَحَدِ.وَ كَذَبَ أَعْدَاءُ اللَّهِ،بَلْ كَانُوا آخِذِينَ لَهَا بِأَخَادِيدِهِمُ الَّتِي عَمِلُوهَا يَوْمَ السَّبْتِ حَتَّى كَثُرَ مِنْ ذَلِكَ مَالُهُمْ وَ ثَرَاؤُهُمْ،وَ تَنَعَّمُوا بِالنِّسَاءِ وَ غَيْرِهَا لاِتِّسَاعِ أَيْدِيهِمْ [4]، وَ كَانُوا فِي الْمَدِينَةِ نَيِّفاً وَ ثَمَانِينَ أَلْفاً،فَعَلَ هَذَا [5] سَبْعُونَ أَلْفاً،وَ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ [6] الْبَاقُونَ،كَمَا قَصَّ اللَّهُ وَ سْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كٰانَتْ حٰاضِرَةَ الْبَحْرِ وَ ذَلِكَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْهُمْ وَعَظُوهُمْ وَ زَجَرُوهُمْ،وَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ خَوَّفُوهُمْ،وَ مِنِ
[1] في المصدر:بكم.
[2] في المصدر:خبر واحد.
[3] المؤمنون 23:41.
[4] في المصدر زيادة:به.
[5] في المصدر زيادة:منهم.
[6] في«ط»:و أنكرهم.