فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«إِنَّ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا رَأَى،حَيْثُ قَالَ: مٰا كَذَبَ الْفُؤٰادُ مٰا رَأىٰ [1]يَقُولُ:مَا كَذَبَ فُؤَادُ مُحَمَّدٍ مَا رَأَتْهُ عَيْنَاهُ،ثُمَّ أَخْبَرَ بِمَا رَأَى فَقَالَ: لَقَدْ رَأىٰ مِنْ آيٰاتِ رَبِّهِ الْكُبْرىٰ [2]فَآيَاتُ اللَّهِ غَيْرُ اللَّهِ،وَ قَدْ قَالَ اللَّهُ: وَ لاٰ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً [3]فَإِذَا رَأَتْهُ الْأَبْصَارُ فَقَدْ أَحَاطَتْ بِهِ الْعِلْمَ وَ وَقَعَتِ الْمَعْرِفَةُ».
فَقَالَ أَبُو قُرَّةَ:فَتُكَذِّبُ بِالرِّوَايَاتِ؟ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ(عَلَيْهِ السَّلاَمُ):«إِذَا كَانَتِ الرِّوَايَاتُ مُخَالِفَةً لِلْقُرْآنِ،كَذَّبْتُهَا،وَ مَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لاَ يُحَاطُ بِهِ عِلْماً،وَ لاَ تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ،وَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ».
وَ رَوَاهُ ابْنُ بَابَوَيْهِ فِي(التَّوْحِيدِ):عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الدَّقَّاقِ(رَحِمَهُ اللَّهُ)،عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ،عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِدْرِيسَ،بِبَاقِي السَّنَدِ وَ الْمَتْنِ [4].
99-/3608 _5- وَ عَنْهُ:عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ،مُرْسَلاً عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الرِّضَا(عَلَيْهِ السَّلاَمُ)قَالَ:قَالَ: «اعْلَمْ-عَلَّمَكَ اللَّهُ الْخَيْرَ-أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى قَدِيمٌ،وَ الْقِدَمُ صِفَتُهُ الَّتِي دَلَّتِ الْعَاقِلَ عَلَى أَنَّهُ لاَ شَيْءَ قَبْلَهُ وَ لاَ شَيْءَ مَعَهُ فِي دَيْمُومِيَّتِهِ،فَقَدْ بَانَ لَنَا بِإِقْرَارِ الْعَامَّةِ مُعْجِزَةُ الصِّفَةِ،أَنَّهُ لاَ شَيْءَ قَبْلَ اللَّهِ،وَ لاَ شَيْءَ مَعَ اللَّهِ،فِي بَقَائِهِ،وَ بَطَلَ قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ قَبْلَهُ أَوْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ،وَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ شَيْءٌ فِي بَقَائِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ خَالِقاً لَهُ،لِأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَعَهُ،فَكَيْفَ يَكُونُ خَالِقاً لِمَنْ لَمْ يَزَلْ مَعَهُ؟وَ لَوْ كَانَ قَبْلَهُ شَيْءٌ كَانَ الْأَوَّلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ،لاَ هَذَا،وَ كَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ خَالِقاً لِلْأَوَّلِ مَعَهُ.
ثُمَّ وَصَفَ نَفْسَهُ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى بِأَسْمَاءٍ دَعَا الْخَلْقَ إِذْ خَلَقَهُمْ وَ تَعَبَّدَهُمْ وَ ابْتَلاَهُمْ إِلَى أَنْ يَدْعُوهُ بِهَا،فَسَمَّى نَفْسَهُ سَمِيعاً،بَصِيراً،قَادِراً،قَائِماً،نَاطِقاً،ظَاهِراً،بَاطِناً،لَطِيفاً،خَبِيراً،قَوِيّاً،عَزِيزاً،حَكِيماً،عَلِيماً...وَ مَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ،فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ الْمُبْغِضُونَ الْقَالُونَ [5] الْمُكَذِّبُونَ.وَ قَدْ سَمِعُونَا نُحَدِّثُ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ لاَ شَيْءَ مِثْلَهُ،وَ لاَ شَيْءَ مِنَ الْخَلْقِ فِي حَالِهِ،قَالُوا:أَخْبِرُونَا إِذَا زَعَمْتُمْ أَنَّهُ لاَ مِثْلَ لِلَّهِ وَ لاَ شِبْهَ لَهُ،كَيْفَ شَارَكْتُمُوهُ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى فَتَسَمَّيْتُمْ بِجَمِيعِهَا؟فَإِنَّ فِي ذَلِكَ دَلِيلاً عَلَى أَنَّكُمْ مِثْلُهُ فِي حَالاَتِهِ كُلِّهَا،أَوْ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ.
إِذْ جَمَعَتْكُمُ [6] الْأَسْمَاءُ الطَّيِّبَةُ.
قِيلَ لَهُمْ:إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى أَلْزَمَ الْعِبَادَ أَسْمَاءً مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَى اخْتِلاَفِ الْمَعَانِي،وَ ذَلِكَ كَمَا يَجْمَعُ الاِسْمُ الْوَاحِدُ مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ،وَ الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّاسِ الْجَائِزُ عِنْدَهُمْ الشَّائِعُ،وَ هُوَ الَّذِي خَاطَبَ اللَّهُ بِهِ الْخَلْقَ
[1] النجم 53:11.
[2] النجم 53:18.
[3] طه 20:110.
[4] التوحيد:110:9.
[5] في المصدر:أسمائه الغالون.
[6] في«س»و المصدر:إذا جمعتم.