و
قال: دونكم القوم، فإنّكم/ عددهم. و استنقذت طيّىء الإبل. فقال له أبوه: كرّ يا
عنترة. فقال: أو يحسن العبد الكرّ! فقال له أبوه: العبد غيرك، فاعترف به، فكّر و
استنقذ النّعم. و جعل يقول:
أنا الهجين عنتره
كلّ امرئ يحمي حره
الأبيات.
قال ابن
الكلبيّ: و عنترة أحد أغربة العرب، و هم ثلاثة [1]: عنترة و أمّه زبيبة، و خفاف بن
عمير الشّريديّ و أمّه ندبة، و السّليك بن عمير السّعديّ و أمّه السّلكة، و إليهنّ
ينسبون. و في ذلك يقول عنترة:
إنّي امرؤ من خير عبس منصبا
شطري و أحمي سائري بالمنصل
و إذا الكتيبة أحجمت و تلاحظت
ألفيت خيرا من معمّ مخول
يقول: إنّ أبي
من أكرم عبس بشطري، و الشطر الآخر ينوب عن كرم أمّي فيه ضربي بالسيف، فأنا خير في
قومي ممن عمّه و خاله منهم و هو لا يغني غنائي. و أحسب أنّ هذه القصيدة هي التي
يضاف إليها البيتان اللذان يغنّى فيهما، و هذه الأبيات قالها في حرب داحس و
الغبراء [2].
حامى عن بني
عبس حين انهزمت أمام تميم، فسبه قيس بن زهير فهجاه
: قال أبو عمرو
الشّيبانيّ: غزت بنو عبس بني تميم و عليهم قيس بن زهير، فانهزمت بنو عبس و طلبتهم
بنو تميم، فوقف لهم عنترة، و لحقتهم كبكبة من الخيل، فحامى عنترة عن الناس فلم يصب
مدبر [3]. و كان قيس بن زهير سيّدهم، فساءه ما صنع عنترة يومئذ، فقال حين رجع: و
اللّه ما حمى الناس إلا ابن السوداء. و كان قيس أكولا.
فبلغ عنترة ما
قال؛ فقال يعرّض به قصيدته التي يقول فيها:
صوت
بكرت تخوّفني الحتوف كأنّني
أصبحت عن عرض الحتوف بمعزل
فأجبتها أنّ المنيّة منهل
لا بدّ أن أسقى بكأس المنهل
فاقنى حياءك لا أبا لك و اعلمي
أنّي امرؤ سأموت إن لم أقتل
إنّ المنيّة لو تمثّل مثّلت
مثلي إذا نزلوا بضنك المنزل
إني امرؤ من خير عبس منصبا
شطري و أحمي سائري بالمنصل
و إذا الكتيبة أحجمت و تلاحظت
ألفيت خيرا من معمّ مخول
[1]
اقتصر المؤلّف على هذا العدد في أغربة العرب و هم الذين جاءهم السواد من قبل
أمهاتهم. و ذكر غيره أكثر من ذلك، فمنهم في الجاهلية عنترة بن شدّاد و خفاف بن
عمير بن الحارث و قيل: إنه مخضرم، و أبو عمير بن الحباب السلميّ و سليك بن السلكة
و هشام بن عقبة بن أبي معيط و هو مخضرم، و منهم في الإسلام عبد اللّه بن خازم و
عمير بن أبي عمير بن الحباب السلميّ و همام بن مطرف التغلبيّ و منتشر بن وهب
الباهلي و مطر بن أوفى المازنيّ و تأبط شرّا و الشنفري و حاجز غير منسوب. (راجع
«القاموس و شرحه مادة غرب»).
[2] راجع عن
حرب داحس و الغبراء الحاشية رقم 4 ص 33 ج 5 من هذه الطبعة.