responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 8  صفحة : 381

كذا [1] و كان في عزمي المرور بها. فأمّا إذا وافق ذلك مرادها فإنّي جاعل بعد رجوعي طريقي عليها. فلمّا صار إلى بابها أدخل بعض من كان معه إليها و صرف بعضهم. فنظر إلى ذلك الحسن البارع و الهيئة الباذّة [2]، فأعجبه و وقع من نفسه؛ فقال: يا جميلة! لقد أوتيت خيرا كثيرا، ما أحسن ما صنعت!. فقالت: يا سيّدي، إنّ الجميل للجميل يصلح، و لك هيّأت هذا المجلس. فجلس عبد اللّه بن جعفر و قامت على رأسه و قامت الجواري صفّين؛/ فأقسم عليها فجلست غير بعيد. ثم قالت: يا سيّدي، أ لا أغنّيك؟ قال: بلى! فغنّت:

/

بني شيبة [3] الحمد الّذي كان وجهه‌

يضي‌ء ظلام اللّيل كالقمر البدر

كهولهم خير الكهول و نسلهم‌

كنسل الملوك لا يبور و لا يحرى [4]

أبو عتبة الملقي إليك جماله‌

أغرّ هجان اللّون من نفر زهر

لساقي [5] الحجيج ثم للخير هاشم‌

و عبد مناف ذلك السيّد الغمر

أبوكم قصيّ كان يدعى مجمّعا

به جمّع اللّه القبائل من فهر

فقال عبد اللّه: أحسنت يا جميلة و أحسن حذافة ما قال! باللّه أعيديه عليّ فأعادته، فجاء الصوت أحسن من الارتجال. ثم دعت لكل جارية بعود و أمرتهنّ بالجلوس على كراسيّ صغار قد أعدّتها لهنّ، فضربن و غنّت عليهنّ هذا الصوت و غنّى جواريها على غنائها. فلمّا ضربن جميعا قال عبد اللّه: ما ظننت أنّ مثل هذا يكون! و إنّه لممّا يفتن القلب! و لذلك كرهه كثير من الناس لما علموا فيه. ثم دعا ببغلته فركبها و انصرف إلى منزله. و قد كانت جميلة أعدّت طعاما كثيرا، و كان أراد المقام، فقال لأصحابه: تخلّفوا للغداء، فتغدّوا و انصرفوا مسرورين. و هذا الشعر لحذافة [6] بن غانم [7] بن عبيد اللّه بن عويج بن عديّ بن كعب يمدح به عبد المطّلب.

أراد العرجي أن ينزل عليها حين فرّ من مكة فأبت و أنزلته على الأحوص‌

: قال و حدّثني بعض المكّيين قال:

كان العرجيّ (و هو عبد اللّه بن عمرو بن عثمان) شاعرا سخيّا شجاعا أديبا ظريفا. و يشبّه شعره بشعر عمر بن أبي ربيعة و الحارث بن خالد بن هشام و إن كانا قدّما عليه؛ و قد نسب كثير من شعره إلى شعرهما، و كان صاحب صيد. فخرج يوما متنزّها من مكّة و معه جماعة من غلمانه و مواليه و معه كلابه و فهوده و صقوره و بوازيه نحو الطائف‌


[1] في ب، س: «إلى موضع كذا و كذا».

[2] الهيئة الباذة: الغالبة الفائقة، و في ح: «و الهيئة البارزة».

[3] شيبة الحمد: لقب عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، لقب بذلك لكثرة حمد الناس له، لأنه كان مفزع قريش في النوائب و ملجأهم في الأمور، فكان شريف قريش و سيدها كمالا و فعالا غير مدافع. و قيل: لأنه ولد في رأسه شيبة، و في لفظ كان وسط رأسه أبيض، أو سمى بذلك تفاؤلا بأن يبلغ سن الشيب. (راجع «ما يعوّل عليه في المضاف و المضاف إليه»). و فيه: و بنو شيبة الحمد».

[4] يبور: يهلك: و يحرى: ينقص.

[5] ساقي الحجيج هو عبد المطلب هذا، فهو الذي حفر زمزم.

[6] في «السيرة لابن هشام» و «معجم البلدان» لياقوت: «حذيفة». و قد نسب هذا الشعر أيضا لمطرود ابن كعب الخزاعي الشاعر. (راجع الطبري ص 1088، 1095 من القسم الأول طبع أوروبا، و صفحة 5 من «كتاب الأوائل» لأبي هلال العسكري المخطوط و المحفوظ بدار الكتب المصرية تحت رقم 2773 تاريخ).

[7] في الأصول: «عامر» و هو تحريف. (راجع «الطبري» ص 1095 من القسم الأول طبع أوروبا و «معجم البلدان» لياقوت ج 2 ص 144 طبع أوروبا و السيرة ج 1 ص 96، 111 طبع أوروبا، «و ما يعوّل عليه في المضاف و المضاف إليه»).

اسم الکتاب : الاغانی المؤلف : ابو الفرج الإصفهاني    الجزء : 8  صفحة : 381
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست